أخر الاخبار

إسلاميات

شعر

خواطر

التفكير الإيجابى

فكر و معرقة

ثقافة و فنون

تنمية شخصية إيجابية

الاثنين، 7 أكتوبر 2013

مواعظ و حكم

0 التعليقات


















تابع القراءة Résumé abuiyad

صور مؤثرة عن الحياة

0 التعليقات
احلى صور مؤثرة عن الحياة, احسن صور مؤثرة عن الحياة, اروع صور مؤثرة عن الحياة, افضل صور مؤثرة عن الحياة, اجدد صور مؤثرة عن الحياة, اجمل صور مؤثرة عن الحياة, اجمد صور مؤثرة عن الحياة, احدث صور مؤثرة عن الحياة, اجمل صور مؤثرة عن الحياة, كولكشن صور مؤثرة عن الحياة , مجموعه صور مؤثرة عن الحياة












تابع القراءة Résumé abuiyad

الأربعاء، 2 أكتوبر 2013

حكم وأقوال واقتباسات عن المغامرة

0 التعليقات

- برتراند راسل : الحياة من دون مغامرة غالباً ما تكون غير مرضية ، لكن الحياة المسموح بها المغامرة بكل شيء تكون قصيرة.

- فولتير : الزواج هو المغامرة الوحيدة المتاحة للجبان.

- إيسوب : المغامرة بحد ذاتها جديرة بالاهتمام.

- جورج إليوت : المغامرة ليست خارج المرء، بل داخله.

- دوغ كوبلاند : الحياة من دون مخاطرة تشبه ديزني لاند.

- كارل ساندبرغ : وراء كل مغامرة خاطئة وانهزام ضحكة الحكمة، إذا كنت تسمع.

- أرسطو : الموت مغامرة كبيرة وفظيعة.

- هيلين كيلر : الحياة إما أن تكون مغامرة جريئة أو لا شيء.

- نيكي جيوفاني : نقع في الحب لأنه المغامرة الحقيقية الوحيدة.

- أنيس منصور : لا تخف من المغامرة، فالهواة هم الذين بنوا سفينة نوح والمحترفون هم الذين بنوا السفينة تيتانيك.

- سالي رايد : كل المغامرات في الأمور الجديدة مخيفة.

- أوبرا وينفري : أكبر مغامرة يمكنك أن تمر بها هي أن تحيا الحياة التي تحلم بها.

- أوفيد : المغامرة الجريئة تحقق نجاحاً أفضل.

- ت. س. إليوت : من يغامرون بالذهاب إلى أبعد الحدود هم وحدهم من يعرفون المدى الذي يمكن للمرء الوصول إليه.

- وليام فيذر : لتحصل على أجمل ما في الحياة انظر إليها على أنها مغامرة.

- فريدريش شيلر : لكي ننقذ كل شيء علينا المخاطرة بكل شيء.

- بلوتارخ : ليست الشجاعة في المخاطرة بلا خوف، بل في الإصرار على قصية عادلة.




تابع القراءة Résumé abuiyad

حكم و أقوال و اقتباسات توفيق الحكيم

0 التعليقات
توفيق الحكيم هو حسين توفيق الحكيم المولود في الإسكندرية في حي محرم بك سنة 1898 م...وهو الذي قال عنه أدباء الغرب : "كل شيء فيه يسحرنا" وهو من قال عنه العرب : " أديب بالفطرة" ، وبالتالي كان يستحق التواجد معنا في سعينا لخلق أكبر قاعدة للحكمة في العالم العربي.
حكم وأقوال توفيق الحكيم:

1- إن الرغبة في الدنو من رجل يعيش مع الكتب هي في ذاتها فكرة جديرة بامرأة رقيقة ..


2- أدركت الآن ... ما ذا خسرت بفقدك .. ثقي أنها ستكون حياة بلا جمال ولا حتى شعر ..


3- لا شيء يجعلنا عظماء غير ألم عظيم.


4- الجمال هو العذر الوحيد الذي يغفر للمرأة كلّ تفاهتها وحماقتها.


5- الإنسان كائن متعادل مادِّيّاً وروحيّاً، وهذا سر حياته.


6- إن عقل المرأة إذا ذبل ومات فَقَد ذبل عقل الامة كلها ومات.


7- المصلحة الشخصية هي دائما الصخرة التي تتحطم عليها أقوى المبادئ.


8- لا يوجد إنسان ضعيف، ولكن يوجد إنسان يجهل في نفسه موطن القوة.


9- كل شيء في الوجود عندما يؤدي وظيفته جيداً، فإنما يحقق الغاية من وجوده.


10- يجب على الإنسان أن يعرف كل شيء عن شيء ما، ويعرف بعض الشيء عن كل شي.


11- الزواج نقلة مفاجئة من التدليل إلى التذليل.


12- ندما قرأ توفيق الحكيم إن بعض لاعبي كرة القدم دون العشرين يقبضون ملايين الجنيهات قال عبارته المشهورة: "انتهى عصر القلم وبدأ عصر القدم لقد أخذ هذا اللاعب في سنة واحدة ما لم يأخذه كل أدباء مصر من أيام اخناتون".


13- وعن وفاة جمال عبد الناصر كتب : "  اعذرني يا جمال. القلم يرتعش في يدي. ليس من عادتي الكتابة والألم يلجم العقل ويذهل الفكر. لن أستطيع الإطالة، لقد دخل الحزن كل بيت تفجعا عليك. لأن كل بيت فيه قطعة منك. لأن كل فرد قد وضع من قلبه لبنة في صرح بنائك".


14- وفي مسرحية شهرزاد : " هل تحسبينني أطيق طويلاً .. هذا الحجاب المسدل بيني وبينك !".


15- النهاية تتلوها البداية في قانون الأبدية والدوران.


16- ما أنا إلا .. ماء ! هل لي وجود حقيقي خارج ما يحتوي جسدي من زمان ومكان حتى السفر أو الإنتقال إن هو إلا تغيير إناء بعد إناء , ومتى كان في تغيير الإناء تحرير الماء !


17- لسنا حلماً .. لا بل الزمن هو الحلم .. أما نحن فحقيقة .. وهو الظل الزائل ونحن الباقون .. بل هو حلمنا .


18- لقد فات زمننا ، ونحن الآن ملك التاريخ .. ولقد أردنا العودة إلى الزمن ، ولكن التاريخ ينتقم .


تابع القراءة Résumé abuiyad

حكم واقتباسات وأقوال عن الجمال

0 التعليقات
الجمال تلك الصفة التي نبحث عنها جميعاً في مظهرنا أو روحنا ، تحدث عنه الحكماء وأصحاب القلم والفكر حتى جعلوا لدينا من الحكم ما يكفي لنتعلم جوهر الجمال.


حكم وأقوال عن الجمال:
- علي ابن أبي طالب : ليس الجمال بأثواب تزيننا ... إن الجمال جمال العلم والأدب

- بنيامين فرانكلين : الجمال والحماقة أصدقاء قدماء.

- جورج برنارد شو : الجمال طغيان قصير العمر.

- جوزيف أديسون : لا يخترق الروح مثل الجمال.

- دانتي : الجمال يوقظ الروح

- نزار قباني : جمعت الطبيعة عبقريتها فكان الجمال.

- محمد التقي الجواد : الجمال في اللسان والكمال في العقل.

- ألكسندر بوب : الجمال يصدم العين، أما الجدارة فتكسب الروح.

- أوفيد : الجمال هدية قابلة للكسر

- أمين الريحاني : قد يفتقر الجمال إلى الفضيلة، أما الفضيلة فلا تفتقر إلى الجمال أبدا.

- دوروثي باركر : الجمال مجرد طبقة خارجية، أما القبح فيكون متوغلا حتى العظام.

- رالف ايمرسون : الجمال من دون تعبير ممل

- فرانتس كافكا : من يحتفظ بالقدرة على مشاهدة الجمال لا يشيخ أبداً. 

- فرانسيس بيكون : لا يوجد جمال عظيم يخلو من بعض الغرابة.

- إيليا أبو ماضي : والذى نفسه بغير جمال ... لا يرى فى الوجود شيئا جميلا

- ديفيد هيوم : الجمال ليس خاصية في ذات الأشياء بل في العقل الذي يتأملها.

- كونفوشيوس : هناك جمال في كل شيء ، لكن ليس كل شخص يراه.

- يوهان غوته : يمكنك أن تصنع الجمال حتى من الحجارة التي توضع لك عثرة في الطريق.

- أنيس منصور : فَرْقٌ كبير بين أن تحبها لأنها جميلة، وأن تكون جميلة لأنك تحبها.

- أوسكار وايلد : من يبحث عن امرأة طيبة وذكية وجميلة يبحث عن ثلاث نساء.

تابع القراءة Résumé abuiyad

قصة قصيرة : حب صادق !

0 التعليقات
عاش رجل فقير جداً مع زوجته ،وذات مساء طلبت منه زوجته شراء مشط لشعرها الطويل حتى يبقى أنيقا..


نظر إليها الرجل وفي عينيه نظرة حزن ، وقال لها ﻻ أستطيع ذلك .. حتى أن ساعتي تحتاج إلى قشاط جلد ،و ﻻ أستطيع شراءه ..
لم تجادله زوجته و ابتسمت في وجهه !
في اليوم التالي وبعد أن أنتهى من عمله، ذهب إلى السوق وباع ساعته بثمن قليل ، وأشترى المشط الذي طلبته زوجته ..
وعندما عاد في المساء إلى بيته وبيده المشط وجد زوجته بشعر قصير جداً ، وبيدها قشاط جلد للساعة ،، فنظرا إلى بعضهما وعيناهما مغرورقتان بالدموع..
ليس ﻷن ما فعلاه ذهب سدى !! بل ﻷنهما أحبا بعضهما بنفس القدر .. وكلاهما أراد تحقيق رغبة اﻵخر

تابع القراءة Résumé abuiyad

قصة قصيرة : الإعلان والأعمى

0 التعليقات
جلس رجل أعمى على إحدى عتبات عمارة واضعا قبعته بين قدميه وبجانبه لوحة مكتوب عليها:  أنا أعمى أرجوكم ساعدوني.

فمر رجل إعلانات بالأعمى ووقف ليرى أن قبعته لا تحوي سوى قروش قليلة فوضع المزيد فيها.  ودون أن يستأذن الأعمى أخذ لوحته وكتب عليها عبارة أخرى وأعادها مكانها ومضى.


 عرف الأعمى أنه قام بكتابة شيء فغضب للحظات حتى لاحظ أن قبعته قد امتلأت بالقروش والأوراق النقدية، فعرف أن شيئا قد تغير وأدرك أن السر فيما تمت كتابته فأراد التأكد.

 فسأل أحد المارة في طريقه عما هو مكتوب عليها فكانت :" نحن في فصل الربيع لكنني لا أستطيع رؤية جماله"

غير وسائلك عندما لا تسير الأمور كما يجب .. فالحكمة تؤكد بأن نفس الأفعال تأتي بنتفس النتائج.



تابع القراءة Résumé abuiyad

قصة قصيرة : الدخان والقارب

0 التعليقات
كان هناك بحارة عددهم بما يقارب ال10 وكانت سفينتهم دائمة الترحل والتنقل.

وفي يوم ماطر وعاصف واجهت السفينة عواصف هائلة وظروف جوية صعبة افقدت قائد السفينة القدرة على مواصلة الإبحار ، مما ادى إلى انقلاب السفينة وغموض مصير من كان فيها ..وفي صباح اليوم التالي استيقظ قائد السفينة وهو على شاطىء إحدى الجزر .


جلس يتأمل البحر ويتذكر ما حصل معهم أمس ..بعد ذلك أصبح يبحث عن أي شيء في الجزيرة فوجد أشجاراً مثمرة أكل منها ، لكنه لم يجد أي آثار للحياة عليه فقرر بناء كوخ ليؤيه لفترة معينة وقد كان حزينا لما حصل معه ودائم التذمر والشكوى ومحاولا أن يتأمل البحر عسى ان تكون هناك سفينة تراه وتنقذه.

وفي يوم من الايام استيقظ وذهب لجلب بعض الثمار وقد اشعل النار تحضيراً للطبخ ..وبعد فترة قصيرة عاد ولكنه رأى الكوخ يحترق ولم يبقَ أي شيء منه علماً أنه أخذ وقتا وجهدا في بنائه ..

جلس من الصدمة وبكى بأعلى صوت وهو يردد ..لماذا حصل هذا ألا يكفي انني وحيد ألا يكفي انني ضائع هكذا ويبكي ويبكي ..ومن شدة البكاء والألم دخل في نوم عميق وفجأة استيقظ من الماء التي ارتشت على وجهه ..وإذ هم أصدقاؤه البحارة فصدم هو من هذا وسألهم كيف وصلوا إليه وعرفوا مكانه فقالوا له وجدنا سفينة وأبحرنا بها وعندما مررنا بهذه الجزيرة رأينا دخاناً يتصاعد فعرفنا ان هناك أناس هنا.

ابتسم وضحك بشدة فقد كان حرق الكوخ سبب في نجاته .


الحكمة حتى الألم الذي نشعر به بحياتنا يوجد خلفه فائدة عظيمة.


تابع القراءة Résumé abuiyad

فتح مكة وعبرته لحاضر المسلمين ومستقبلهم

0 التعليقات

كانت هناك هدنة الحديبية خيرًا على المسلمين، فقد قضوا خلالها على يهود في المدينة المنورة وخارجها عسكريا، فلم يعد لهم أي خطر عسكري يهدد المسلمين. كما أتاحت للمسلمين السيطرة على القبائل العربية في شمالي المدينة حتى حدود الشام والعراق، وانتشر الإسلام بين القبائل العربية كلها، فأصبح المسلمون القوة الضاربة الأولى في شبه الجزيرة العربية كلها.
ولم يبق أمام المسلمين غير فتح مكة، تلك المدينة المقدسة التي انتشر الإسلام فيها أيضًا، ولم يحل دون فتحها وعودة المستضعفين الذين أخرجوا منها بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله، إليها، غير صلح الحديبية الذي يحرص النبيُّ صلى الله عليه وسلم على الوفاء به.
وقد أدى انتشار الإسلام بين قسم كبير من القبائل ومن ضمنها قريش وبقاء القسم الآخر على الشرك إلى تفرق كلمة القبائل واستحالة جمع تلك الكلمة على حرب المسلمين. ولم يبق في قريش زعيم مسيطر يستطيع توجيهها إلى ما يريد حين يريد: المسلمون فيها لا يخضعون إلا لأوامر الإسلام، والمشركون فيها بين متطرف يدعو للحرب مهما تكن نتائجها، ومعتدل يعتبر الحرب كارثة تحيق بقريش.
إعلان الحرب:
أراد بنو بكر حلفاء قريش أن يأخذوا بثاراتهم من بني خزاعة حلفاء المسلمين، وحرضهم على ذلك متطرفو قريش بقيادة عكرمة بن أبي جهل وقسم من سادات قريش، وأمدوهم سرًّا بالرجال والسلاح. وقامت بكر بالهجوم المباغت على خزاعة فكبدوهم خسائر في الأرواح والأموال، والتجأت خزاعة إلى البيت الحرام فطاردتهم بكر مصممة على القضاء عليهم غير مكترثة بصلح الحديبية، فانتهت الهدنة بين قريش وحلفائها من جهة، وبين المسلمين وحلفائهم من جهة أخرى، وكان الذي نقض هذه الهدنة قريشا وبكرا.

وسارع عمرو بن سالم الخزاعي بالتوجه إلى المدينة حاملا أنباء نقض صلح الحديبية، فلما وصل إلى المدينة قصد المسجد وقص على النبي صلى الله عليه وسلم ما أصاب خزاعةَ من بكر وقريش في مكة وخارجها، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم: «نصرتَ يا عمرو بن سالم»!
وخرج بديل بن ورقاء في نفر من خزاعة حتى قدموا المدينة، فأخبروا النبي صلى الله عليه وسلم بما أصابهم فعزم النبي صلى الله عليه وسلم على فتح مكة.
وقدر قادة قريش المعتدلون وعقلاؤهم ماذا يعنيه انتهاء الهدنة بين قريش والمسلمين، فقرروا إيفاد أبي سفيان بن حرب إلى المدينة للتشبث بتثبيت العهد وإطالة مدته.
ولما وصل أبو سفيان «عسفان» في طريقه إلى المدينة لاقى بديل بن ورقة وأصحابه عائدين من المدينة، فخاف أن يكونوا جاءوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأخبروه بما حدث بين بكر وخزاعة، مما يزيد مهمته التي جاء من أجلها تعقيدًا، إلا أن بديلا نفى مقابلته للنبي صلى الله عليه وسلم، ولكن أبا سفيان فحص فضلات راحلة بديل فوجد فيها نوى التمر، فعرف أنه كان في المدينة.
ووصل أبو سفيان إلى المدينة، فقصد دار ابنته أم حبيبة رضي الله عنها زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، فأراد أن يجلس على الفراش فطوته دونه فقال لها: «يا بنية! ما أدري أرغبتِ بي عن هذا الفراش، أم رغبتِ به عني؟» فقالت: «بل هذا فراش رسول الله، وأنت مشرك نجس». فقال: «والله لقد أصابكِ بعدي شر».
واستشفع أبو سفيان بأبي بكر الصديق رضي الله عنه ليكلم النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأبى.. واستشفع بعمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأغلظ له في الرد وقال: «أأنا أشفع لكم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ واللهِ لو لم أجد إلا الذَّرَّ لجاهدتكم به».
ودخل أبو سفيان على علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وعنده فاطمة رضي الله عنها، فقال علي: «والله يا أبا سفيان لقد عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر ما نستطيع أن نكلمه فيه».
واستشفع أبو سفيان بفاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم أن يجير ابنها الحسن بين الناس، فقالت: «ما يجير أحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم».
واستنصح أبو سفيان عليًّا بعد أن اشتدت عليه الأمور فنصحه أن يعود من حيث أتى، فقفل أبو سفيان عائدًا إلى قريش ليخبرهم بما لقي من صدود، ولم يبق هناك شك في إعلان الحرب.
الاستعدادات للحرب:
أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابَه بإنجاز استعداداتهم للحركة، وبعث من يخبر قبائل المسلمين خارج المدينة بإنجاز استعداداتهم للحركة أيضًا، كما أمر أهله أن يجهزوه، ولكنه لم يخبر أحدًا بنياته الحقيقية ولا باتجاه حركته، بل أخفى هذه النيات حتى عن أقرب المقربين إليه، ثم أرسل سرية أبي قتادة الأنصاري إلى بطن إضم ليزيد من إسدال الستار الكثيف على نياته الحقيقية.

ودخل أبو بكر الصديق رضي الله عنه على ابنته عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لها: أي بنية! أأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تجهزوه؟ قالت: نعم، فتجهز. فقال: فأين ترينه يريد؟ قالت: والله لا أدري.
ولما اقترب موعد الحركة، صرح النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سائر إلى مكة. وبث عيونه ليحول دون وصول أنباء اتجاه حركته إلى قريش، ولكن حاطب بن أبي بلتعة كتب رسالة أعطاها امرأة متوجهة إلى مكة، يخبرهم فيها بنيّات المسلمين، فعلم النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الرسالة، وبعث علي بن أبي طالب والزبير بن العوام رضي الله عنهما، فأدركاها وأخذا منها تلك الرسالة التي كانت معها.
ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطبًا يسأله عما حمله على ذلك؟ فقال: يا رسول الله بين أظهرهم ولد وأهل، فصانعتهم عليهم. فقال عمر بن الخطاب: دعني فلأضرب عنقه، فإن الرجل قد نافق. ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أمَا إنه قد صدقكم؛ وما يدريك، لعل الله اطلع على من شهد بدرًا فقال: اعملوا ما شئتم». وشفع لحالطب ماضيه الحافل بالجهاد، فعفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر المسلمين أن يذكروه بأفضل ما فيه.

 
 
فتح مكة
فتح مكة
في الطريق إلى مكة المكرمة:
غادر المسلمون المدينة المنورة في رمضان من السنة الثامنة الهجرية في عشرة آلاف رجل، بقيادة الرسول القائد عليه أفضل الصلاة والسلام قاصدين فتح مكة، وكان جيش المسلمين مؤلفًا من الأنصار والمهاجرين وسليم ومزينة وغطفان وغفار وأسلم.. وطوائف من قيس وأسد وتميم وغيرهم من القبائل الأخرى، في عدد وعُدد لم تعرفه الجزيرة العربية من قبل، وكلما تقدم الجيش من هدفه ازداد عدده بانضمام مسلمي القبائل التي تسكن على جانبي الطريق إليه. ومع كثافة هذا الجيش وقوته وأهميته، فقد بقي سر حركته مكتومًا لا تعرف قريش عنه شيئًا. فبالرغم من اعتقاد قريش أن النبي صلى الله عليه وسلم في حل من مهاجمتهم، ولكنها لم تكن تعرف متى وأين وكيف سيجري الهجوم المتوقع. ولشعور قريش بالخطر المحدق بها، أسرع كثير من رجالها بالخروج إلى المسلمين لإعلان إسلامهم، فصادف بعض هؤلاء، ومنهم العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم، جيشَ المسلمين في طريقه إلى مكة المكرمة.

ووصل جيش المسلمين إلى موضع مرّ الظهران على مسافة أربعة فراسخ من مكة، فعسكر المسلمون هناك. وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يوقد كل مسلم في جيشه نارًا، حتى ترى قريش ضخم الجيش دون أن تعرف هويته فيؤثر ذلك في معنوياتها فتستسلم للمسلمين دون قتال، وبذلك يحقق النبي صلى الله عليه وسلم هدفه السلمي في فتح مكة بدون إراقة دماء.
وأوقد عشرة آلاف مسلم نيرانهم، ورأت قريش تلك النيران تملأ الأفق البعيد، فأسرع أبو سفيان وبديل بن ورقاء وحكيم بن حزام بالخروج باتجاه النيران، ليعرفوا مصدرها ونيات أصحابها، فلما اقتربوا من موضع معسكر المسلمين قال أبو سفيان: هذه والله خزاعة حمشتها [جمعتها] الحربُ. فلم يقتنع أبو سفيان بهذا الجواب، فقال: خزاعة أقل وأذل من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها.
وكان العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج من معسكر المسلمين راكبًا بغلة النبي صلى الله عليه وسلم ليخبر قريشًا بالجيش العظيم الذي جاء لقتالها والذي لا قبل لها به، حتى يؤثر في معنوياتها ويضطرها إلى التسليم دون قتال، فيحقن بذلك دماءها ويؤمن لها صلحًا شريفًا ويخلصها من معركة خاسرة معروفة النتائج سلفًا، فسمع وهو في طريقه محاورة أبي سفيان وبديل بن ورقاء، فعرف العباس صوت أبي سفيان، فناداه وأخبره بوصول جيش المسلمين ونصحه بأن يلجأ إلى الرسول صلى الله عليه وسلم حتى ينظر في أمره قبل أن يدخل الجيش فاتحًا صباح غد، فيحيق به وبقومه ما يستحقونه من عقاب.
وأردف العباسُ أبا سفيان على بغلة النبي صلى الله عليه وسلم وتوجّها نحو معسكر المسلمين، فلما وصلا إلى المعسكر ودخلاه أخذا يمران بنيران الجيش في طريقهما إلى خيمة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما مرّا ينار عمر بن الخطاب رضي الله عنه عرف أبا سفيان وأدرك أن العباس يريد أن يجيره، فأسرع عمر إلى خيمة النبي صلى الله عليه وسلم وسأله أن يأمره بضرب عنق أبي سفيان، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمه أن يستصحب أبا سفيان إلى خيمته، ثم يحضره إليه صباح غد، فلما كان الصباح وجيء بأبي سفيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم أسلمَ ليحقن دمه، فقال العباس: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر، فاجعل له شيئًا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن.
وأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يستوثق من سير الأمور كما يحب بعيدًا عن وقوع الحرب، فأوصى العباس باحتجاز أبي سفيان في مضيق الوادي حتى يستعرض الجيش الزاحف كله، فلا تبقى في نفسه أية فكرة للمقاومة.
قال العباس: خرجتُ بأبي سفيان حتى حبسته بمضيق الوادي حيث أمرني رسول الله، ومرت القبائل على راياتها، كلما مرت قبيلة قال: يا عباس، من هؤلاء؟ فأقول: سليم. فيقول: مالي ولسليم! ثم تمر به القبيلة فيقول: ياعباس، من هؤلاء؟ فأقول: مزينة. فيقول: ومالي ولمزينة! حتى نفدت القبائل، ما تمر به قبيلة إلا سألني عنها، فإذا أخبرته قال: مالي ولبني فلان! حتى مرّ الرسولُ صلى الله عليه وسلم في كتيبته الخضراء، وفيها المهاجرون والأنصار لا يرى منها إلا الحدق من الحديد، فقال: سبحان الله، يا عباس! من هؤلاء؟ قلت: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المهاجرين والأنصار. قال: ما لأحد بهؤلاء من قبل ولا طاقة! والله يا أبا الفضل، لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيمًا. فقال العباس: يا أبا سفيان، إنها النبوة. قال: نعم إذن. عند ذلك قال العباس لأبي سفيان: النجاء إلى قومك، فأسرع أبو سفيان إلى مكة.
قبل دخول مكة المكرمة:
دخل أبو سفيان مكة مبهورًا مذعورًا، وهو يحس أن من ورائه إعصارًا إذا انطلق اجتاح قريشًا وقضى عليها. ورأى أهل ملكة قوات المسلمين تقترب منهم، ولم يكونوا حتى ذلك الوقت قد قرروا قرارًا حاسمًا بشأن القتال ولا اتخذوا تدابير القتال الضرورية، فاجتمعوا إلى ساداتهم ينتظرون الرأي الأخير، فإذا بصوت أبي سفيان ينطلق مجلجلا جازمًا: يا معشر قريش، هذا محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان كان آمنًا.

وسمعت هند بنت عتبة بن ربيعة زوج أبي سفيان التي كانت تشايع المتطرفين من مشركي قريش ما قاله زوجها، فوثبت إليه وأخذت بشاربه وصاحت: اقتلوا هذا الحميت الدسم الأحمس [أي هذا الزق المنتفخ]، قبّح من طليعة قوم.
ولم يكترث أبو سفيان بسباب امرأته، فعاود تحذيره: ويلكم لا تغرنكم هذه من أنفسكم، فإنه قد جاءكم ما لا قبل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن.
وقالت قريش: قاتلك الله، وما تغني عنا دارك؟ قال: ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن.
وأصبحت مكة المكرمة تنتظر دخول المسلمين: اختفى الرجال وراء الأبواب الموصدة، واجتمع بعضهم في المسجد الحرام، وبقي المتطرفون مصرين على القتال.
خطة الفتح:
كانت مجمل خطة الفتح تتلخص في: الميسرة بقيادة الزبير بن العوام، واجبها دخول مكة من شماليها.

والميمنة بقيادة خالد بن الوليد، واجبها دخول مكة من جنوبها، وقوات الأنصار بقيادة سعد بن عبادة، واجبها دخول مكة من غربيها، وقوات المهاجرين بقيادة أبي عبيدة بن الجراح واجبها دخول مكة من شماليها الغربي من اتجاه جبل هند. ومثابة اجتماع قوات المسلمين بعد إنجاز الفتح في منطقة جبل هند. وكان اجتماع قوات المسلمين بعد إنجاز الفتح في منطقة جبل هند.
وكانت أوامر النبي صلى الله عليه وسلم لقادته تنص على ألا يقاتلوا إلا إذا اضطروا اضطرارًا إلى القتال، لغرض أن يتمّ الفتح سلميًّا وبدون قتال.
ودخلت قوات المسلمين مكة فلم تلق مقاومة، إلا جيش خالد بن الوليد، فقد تجمع متطرفو قريش مع بعض حلفائهم من بني بكر في منطقة الخندفة، فلما وصلها رتل خالد أمطروه بوابل من نبالهم، ولكن خالدًا لم يلبث أن فرّقهم بعد أن قُتل رجلان من رجاله ضلا طريقهما وانفصلا عنه، ولم يلبث صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو وعكرمة بن أبي جهل حين رأوا الدائرة تدور عليهم أن تركوا مواضعهم في الخندمة وفروا مع قواتهم، واستسلمت المدينة المقدسة للمسلمين، وفتحت أبوابها لهم، وعاد المستضعفون الذين أخرجوا منها بغير حق إلى ديارهم وأموالهم.

في مكة المكرمة:
عسكر النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون في منطقة جبل هند، بعد أن سيطر المسلمون على جميع مداخل مكة، فلما استراح وتجمعت أرتال الجيش، نهض والمهاجرون والأنصار بين يديه وخلفه وحوله، حتى دخل المسجد الحرام، فأقبل إلى الحجر الأسود فاستلمه، ثم طاف بالبيت العتيق وحول البيت، وكان في الكعبة ستون وثلاثمائة صنم، يطعنها بالقوس وهو يقول: (جاء الحق وزهق الباطلُ إن الباطل كان زهوقًا.. جاء الحق وما يُبدِئُ الباطل وما يعيد) ثم دعا عثمان بن طلحة، فأخذ منه مفتاح الكعبة ودخلها، فرأى الصور تملأها، ومن بينها صورتان لإبراهيم وإسماعيل يستقسمان بالأزلام، فمحا ما في الكعبة من صور، ثم صلى ودار في البيت يكبر، ولما انتهى تطهير البيت من الأصنام والصور، وقف على باب الكعبة، وقريش تنظر ماذا يصنع، فقال: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده. ألا كل مأثرة أو مال فهو تحت قدمي هاتين، إلا سدانة البيت وسقاية الحاج. يا معشر قريش، إن الله قد أذهبَ عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء، الناس من آدم، وآدم من تراب، يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند اللهِ أتقاكم إن الله عليم خبير. يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم؟» قالوا: خيرًا، أخ كريم وابن أخ كريم. قال: « فإني أقول كما قال يوسف لإخوته: لا تثريب عليكم اليوم، اذهبوا فأنتم الطلقاء».

طهر المسلمون البيت من الأصنام، وأتم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في أول يوم من أيام فتح مكة ما دعا إليه منذ عشرين سنة: أتم تحطيم الأصنام والقضاء على الوثنية في البيت الحرام بمشهد من قريش، ترى أصنامها التي كانت تعبد ويعبد آباؤها، وهي لا تملك لنفسها نفعًا ولا ضرًا.
وأقام النبي صلى الله عليه وسلم خمسة عشر يومًا، نظّم خلالها شئون مكة، وفقّه أهلها في الدين، وأرسل بعض السرايا للدعوة إلى الإسلام وتحطيم الأصنام، من غير سفك للدماء.
عبرة الفتح:
 1-الكتمان
ما أحوج المسلمين اليوم أن يتعلموا الكتمان من هذه الغزوة، فأمورهم كلها مكشوفة، بل مكشّفة، وأعداؤهم يعرفون عنهم كل شيء، لا تكاد تخفى عليهم، فلا سر لدى المسلمين يبقى مكتومًا.

لقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم أشد الحرص على ألا يكشف نياته لفتح مكة لأي إنسان، عندما اعتزم التحرك إلى مكة وكان سبيله إلى ذلك الكتمان الشديد.
لم يبح بنياته لأقرب أصحابه من نفسه أبي بكر الصديق، بل لم يبح بنياته لأحب النساء إليه عائشة بنت أبي بكر الصديق، وبقيت نياته مكتومة حتى أنجز هو وأصحابه جميع استعدادات الحركة، وحتى وصل أمر الاستحضار إلى المسلمين كافة خارج المدينة وداخلها، ولكنه كشف نياته في الحركة إلى مكة قبيل موعد خروجه من المدينة، حيث لم يبق هناك مسوغ للكتمان، لأن الحركة أصبحت وشيكة الوقوع.
ومع ذلك، بث عيونه وأرصاده، لتحول دون تسرب المعلومات عن حركته إلى قريش.
بث عيونه داخل المدينة ليقضي على كل محاولة لتسريب الأخبار من أهلها إلى قريش، وقد رأيتَ كيف اطلع على إرسال حاطب بن أبي بلتعة برسالته إلى مكة، فاستطاع حجز تلك الرسالة.
وبث عيونه وأرصاده داخل المدينة وخارجها ليحرم قريشًا من الحصول على المعلومات عن نيات المسلمين، وليحرم المنافقين والموالين لقريش من إرسال المعلومات إليها.
وبقي النبي صلى الله عليه وسلم يقظًا كل اليقظة، حذرًا كل الحذر، حتى وصل إلى ضواحي مكة، ونجح بترتيباته في حرمان قريش من معرفة نيات المسلمين أعظم نجاح.
ولكي يلقي النبي صلى الله عليه وسلم ظلا كثيفًا من الكتمان على نياته، بعث سرية أبي قتادة الأنصاري إلى بطن إضم، شمالي المدينة المنورة، بينما كان يستعد لفتح مكة في جنوب المدينة المنورة، فسارت أخبار المسلمين بأنهم يتجهون شمالا لكتمان اتجاههم نحو الجنوب.
ولو انكشفت نيات المسلمين لقريش في وقت مبكر، لاستطاعت حشد حلفائها وتنظيم قواتها وإعداد خطة مناسبة لمقابلة المسلمين، ولاستطاعت مقاومة المسلمين أطول مدة ممكنة دفاعًا عن مكة المكرمة ولأوقعت بهم خسائر في الأرواح والأموال، وكانت قريش قد استطاعت حشد عشرة آلاف مقاتل في غزوة الأحزاب كما هو معروف، وباستطاعتها أن تحشد مثل هذا الحشد وأكثر دفاعًا عن مكة.
وليس من السهل أن يتحرك جيش ضخم تعداده عشرة آلاف مقاتل من المدينة إلى مكة بالمراحل دون أن تعرف قريش وقت حركته وموعد وصوله ونياته، حتى يصل ذلك الجيش اللجب إلى ضواحي مكة القريبة، فيفلت الأمر من قريش، ولا تعرف ما تصنع إلا اللجوء إلى الاستسلام دون مقاومة.
إن تدابير النبي صلى الله عليه وسلم في الكتمان أمّنت له مباغتة كاملة لقريش، وأجبرتها على الرضوخ للأمر الواقع: الاستسلام.
وهذا الكتمان لا مثيل له في سائر الحروب، ما أحرانا أن نتعلمه ونقتدي به ونسير على منواله.
2-بعد النظر:
القائد المتميز هو الذي يتسم ببعد النظر، بالإضافة إلى مزاياه الأخرى، ويتخذ لكل أمر محتمل الوقوع التدابير الضرورية لمعالجته، دون أن يترك مصائر قواته للاحتمالات بدون إعداد كامل.

إن النصر من عند الله، يؤتيه من يشاء، ولكن الله سبحانه وتعالى ينصر من أعدّ عدّته واحتاط لكل احتمال كبير أو صغير قد يصادفه، لذلك يشدد العسكريون على إدخال أسوأ الاحتمالات في حسابهم في أية عملية عسكرية.
لقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يحبس أبو سفيان في مدخل الجبل إلى مكة، حتى تمر عليه جنود المسلمين، فيحدث قومه عن بينة ويقين، ولكي لا يكون إسراعه في العودة إلى قريش قبل أن تنهار معنوياته تمامًا، سببًا لاحتمال وقوع أية مقاومة من قريش، مهما يكن نوعها ودرجة خطورتها. وفعلا اقتنع أبو سفيان بعد أن رأى قوات المسلمين كلها، أن قريشًا لا قبل لها بالمقاومة.
وقد أدخل النبي صلى الله عليه وسلم في حساباته أسوأ الاحتمالات أيضًا، عند تنظيمه خطة الفتح، فكانت تلك الخطة تؤمن تطويق البلد من جهاته الأربع بقوات مكتفية بذاتها، بإمكانها العمل مستقلة عن القوات الأخرى عند الحاجة، وبذلك تستطيع القضاء على أية مقاومة في أية جهة من جهات مكة، كما تؤمن توزيع قوات قريش إلى أقسام لمقاومة كل رتل من أرتال المسلمين على انفراد، فتكون قوات قريش ضعيفة في كل مكان.
واتخذ النبي صلى الله عليه وسلم هذه التدابير الفاعلة بالرغم من اعتقاده بأن احتمال مقاومة قريش للمسلمين ضعيف جدًّا، وذلك ليحول دون مباغتة قواته وإيقاع الخسائر لها، مهما تكن الظروف والأحوال.
فما أحرى أن يتعلم المسلمون هذا الدرس ويطبقوه في إعداد خططهم المصيرية!

3-العقيدة:
كان جيش الفتح مؤلفًا من المهاجرين والأنصار ومسلمي أكثر القبائل العربية المعروفة في حينه، لا يوحد بينه غير العقيدة الواحدة، التي يضحي الجميع من أجلها، وتشيع بينهم الانسجام الفكري الذي يجعل التعاون الوثيق بيهم سائدًا.

لقد كانت انتصارات المسلمين الأولين انتصارات عقيدة بلا مراء، وكان النصر من أول ثمرات هذه العقيدة على النطاق الجماعي.
أما على النطاق الفردي، فقد رأيت كيف طوت أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فراش النبي صلى الله عليه وسلم عن أبيها أبي سفيان، وقد جاء من سفر قاصد بعد غياب طويل؛ ذلك لأنها رغبت به عن مشرك نجس، ولو كان هذا المشرك أباها الحبيب.
وعندما جاء أبو سفيان مع العباس ليواجه النبي صلى الله عليه وسلم، رآه عمر بن الخطاب، فغادر خيمته واشتد نحو خيمة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما وصل إليها قال: يا رسول الله! دعني أضرب عنقه. قال العباس: يا رسول الله! إني قد أجرته، فلما أكثر عمر قال العباس: مهلا يا عمر، ما تصنع هذا إلا لأنه من بني عبد مناف، ولو كان من بني عدي ما قلت هذه المقالة، فقال عمر: مهلا يا عباس، فوالله إسلامك يوم أسلمت كان أحب لي من إسلام الخطاب لو أسلم. لقد كان يمثل عقيدة المسلمين الأولين، بينما كان العباس حديث عهد بالإسلام.
وكيف نعلل إقدام المهاجرين على المشاركة في غزوة الفتح، التي لم يكن من المستبعد أن تصطرع فيها قوات المسلمين وقوات قريش؟
إن عقيدة المسلمين لا تخضع للمصالح الشخصية، بل هي رهن المصالح العامة وحدها، وقد انتصر المسلمون بالعقيدة الراسخة، وهي اليوم غائبة عنهم فذلوا وهزموا، فما أحراهم أن يعودوا إلى عقيدتهم ليستعيدوا مكانتهم بين الأمم، ولينتصروا على أعدائهم، فقد غاب عنهم النصر منذ غاب عنهم الإسلام.

4-المعنويات:
لم تكن معنويات المسلمين في وقت من الأوقات أعلى وأقوى مما كانت عليه أيام فتح مكة، البلد المقدس عند المسلمين الذين يتوجهون إليه في صلاتهم كل يوم، ويحجون بيته كل سنة. وكانت أهمية مكة للمهاجرين أكثر من أنها بلد مقدس، فهي بلدهم الذي هاجروا منه فرارًا بدينهم وخلفوا فيها أموالهم وذويهم وكل عزيز عليهم.

لذلك لم يتخلف أحد من المسلمين عن هذه الغزوة إلا القليل من ذوي الأعذار القاهرة الصعبة.
أما معنويات قريش، فقد كانت متردية للغاية، فقد أثرت فيهم عمرة القضاء، كما أثر فيهم انتشار الإسلام في كل بيت من بيوت مكة تقريبًا، وبذلك فقدت مكة روح المقاومة وروح القتال. ومما زاد في انهيار معنويات قريش، ما اتخذه النبي صلى الله عليه وسلم من إيقاد عشرة آلاف نار في ليلة الفتح، ومرور الجيش كله بأبي سفيان قائد قريش أو أكبر قادتها، ودخول أرتال المسلمين في كل جوانب مكة.
لقد كانت غزوة الفتح معركة معنويات بالدرجة الأولى، ما أحرانا أن نتعلمها لحاضرنا ومستقبلنا.

5-السلم:
حرص النبي صلى الله عليه وسلم من خروجه لفتح مكة على نياته السلمية، ليؤلف بذلك قلوب المشركين، ويجعلها تقبل على الإسلام.

وقد عهد عليه الصلاة والسلام إلى قادته حين أمرهم أن يدخلوا مكة ألا يقاتلوا إلا من قاتلهم. وبقي النبي صلى الله عليه وسلم مصرًّا على نياته السلمية بعد الفتح أيضًا، فقد أصدر العفو العام عن قريش قائلًا: «اذهبوا فأنتم الطلقاء».
وكما حرص النبي صلى الله عليه وسلم على السلم الجماعي، حرص كذلك على السلم الفردي، فمنع القتل حتى لفرد واحد من المشركين، مهما تكن الأسباب والأعذار.
فقد قتلت خزاعة حلفاء المسلمين رجلا من هذيل غداة يوم الفتح لثأر سابق لها عنده، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم أشد الغضب، وقام في الناس خطيبًا، ومما قاله: «يا معشر خزاعة، ارفعوا أيديكم عن القتل فقد كثر إن نفع، لقد قتلتم قتيلا لأدينه، فمن قتل بعد مقامي هذا فأهله بخير النظرين، إن شاءوا قدم قاتله، وإن شاءوا فعقله»، أي ديته، ثم ودي بعد ذلك الرجل الذي قتلته خزاعة.
بل إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتل رجلا من المشركين أراد اغتياله شخصيًّا وهو يطوف في البيت، بل تلطف معه. فقد اقترب فضالة بن عمير يريد أن يجد له فرصة ليقتله، فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم نظرة عرف بها طويته، فاستدعاه وسأله: «ماذا كنت تحدث به نفسك؟» قال: لا شيء، كنتُ أذكر الله! فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وتلطف معه ووضع يده على صدره، فانصرف الرجل وهو يقول: ما رفع يده عن صدري حتى ما من خلق الله شيء أحب إلي منه.
ورأى علي بن أبي طالب رضي الله عنه مفتاح الكعبة بيد النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، اجمع لنا الحجابة مع السقاية، فقال عليه الصلاة والسلام: «أين عثمان بن طلحة؟» فلما جاء عثمان قال له: «يا ابن طلحة، هاكَ مفتاحك، اليوم يوم بر ووفاء».
وقد رأى المسلمون النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح يتواضع لله، حتى رأوه يوم ذلك ورأسه قد انحنى على رحله، وبدا عليه التواضع الجم، حتى كادت لحيته تمس واسطة راحلته خشوعًا، وترقرقت في عينيه الدموع تواضعًا لله وشكرًا.
تلك هي سمات الخلُق الإسلامي الرفيع في السلم والوفاء والتواضع، ولكنه سلم الأقوياء لا سلم الضعفاء، ووفاء القادرين لا وفاء العاجزين، وتواضع العزة لا تواضع الذلة.
إن سلم الأقوياء القادرين هو السلام الذي يأمر به الإسلام، أما سلم الضعفاء العاجزين فهو الاستسلام الذي ينهى عنه الإسلام.
ذلك ما ينبغي أن نتعلمه من فتح مكة، لحاضر المسلمين ومستقبلهم، لحاضر أفضل ومستقبل أحسن، وهي عبر لمن يعتبر.



تابع القراءة Résumé abuiyad

حرية الرأي في الحضارة الإسلامية

0 التعليقات
تعني حريَّة الرأي في الحضارة الإسلامية حقَّ الفرد في اختيار الرأي الذي يراه في أمر من الأمور العامَّة أو الخاصَّة، وإبداء هذا الرأي وإسماعه للآخرين، وهي حقُّ الشخص في التعبير عن أفكاره ومشاعره باختياره وإرادته؛ ما لم يكن في ذلك اعتداءٌ على حقِّ الآخرين.

حرية الرأي من حقوق المسلم

وحرية الرأي في الحضارة الإسلامية حقٌّ مكفولٌ للمسلم وثابتٌ له؛ لأن الشريعة الإسلامية أَقَرَّتْهُ له، وما أَقَرَّهُ الشرع الإسلامي للفرد لا يملك أحدٌ نَقْضَهُ أو سلبه منه أو إنكاره عليه، بل إن حُرِّيَّة الرأي واجب على المسلم لا يجوز أن يتخلَّى عنه؛ لأن الله تعالى أوجب عليه النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يمكن القيام بهذه الواجبات الشرعية ما لم يتمتَّع المسلم بحقِّ إبداء الرأي وحريته فيه، فكانت حرية الرأي له وسيلة إلى القيام بهذه الواجبات، وما لا يَتَأَتَّى الواجب إلاَّ به فهو واجب.
وقد أجاز الإسلام حرية الرأي في كافَّة الأمور الدنيوية؛ مثل الأمور العامَّة والاجتماعيَّة، وفي مثال يُجَسِّد ذلك، ما ظهر من سعد بن معاذ وسعد بن عبادة -رضى الله عنهما- حين استشارهما الرسول في مهادنة غطفان على ثلث ثمار المدينة حتى يخرجوا من التحالف يوم غزوة الأَحْزَاب.
عن أبي هريرة قال: جاء الحارث الغطفاني إلى النبي فقال: يا محمد، شاطرنا تمر المدينة. قال: "حَتَّى أَسْتَأْمِرَ السُّعُودَ". فبعث إلى سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة، وسعد بن الربيع، وسعد بن خيثمة، وسعد بن مسعود ، فقال: "إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ الْعَرَبَ قَدْ رَمَتْكُمْ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ، وَأَنَّ الْـحَارِثَ يَسْأَلُكُمْ أَنْ تُشَاطِرُوهُ تَمْرَ الْـمَدِينَةِ، فَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَدْفَعُوا إِلَيْهِ عَامَكُمْ هَذَا حَتَّى تَنْظُرُوا فِي أَمْرِكُمْ بَعْدُ". قالوا: يا رسول الله، أوحيٌ من السماء فالتسليم لأمر الله، أو عن رأيك أو هواك، فرأينا تبع لهواك ورأيك؟ فإن كنت إنما تريد الإبقاء علينا؛ فوالله! لقد رأيتنا وإياهم على سواء ما ينالون منا تمرة إلا بشرى أو قرى[1].

النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

من النصوص التي وردت في النصيحة وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قول الله تعالى: {وَالْـمُؤْمِنُونَ وَالْـمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْـمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْـمُنْكَرِ} [التوبة: 71]، وقول الرسول : "الدِّينُ النَّصِيحَةُ". قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: "للهِ وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلأَئِمَّةِ الْـمُسْلِمِينَ، وَعَامَّتِهِمْ"[2].
قال الإمام النووي[3] في شرحه لهذا الحديث: "وأمَّا النصيحة لأئمة المسلمين فمعاونتهم على الحقِّ، وطاعتهم فيه، وأمرهم به، ونهيهم عن مخالفته، وتذكيرهم برفق، وإعلامهم بما غفلوا عنه ولم يبلغهم من حقوق المسلمين"[4].
كما قال الرسول : "لا يَمْنَعَنَّ رَجُلاً هَيْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا عَلِمَهُ"[5]. وقال أيضًا: "أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ"[6].
وواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يستلزم تمتُّعُهُمْ بحرِّيَّة الرأي؛ وحيث قد أمرهم الله بهذا الواجب، فهذا يعني مَنْحهم حقَّ إبداء رأيهم فيما يَرَوْنَه معروفًا أو منكرًا، وفيما يأمرون به وينهون عنه، وكذلك واجب المشاورة على ولي الأمر يستلزم تمتُّع مَنْ يُشَاورهم بحرية إبداء آرائهم.
وقد طُبِّقَتْ حرِّيَّة الرأي على طُولِ التاريخ الإسلامي تطبيقًا رائعًا؛ فهذا الصحابي الجليل الحباب بن المنذر يُبْدِي رأيه الشخصي في موقف المسلمين في غزوة بَدْر على غير ما كان قد رآه النبي ، فيأخذ النبي برأيه، كما أبدى بعض الصحابة رأيهم في حادثة الإفك، وكان منهم مَنْ أشار على النبي بتطليق زوجته السيدة عائشة رضي الله عنها، إلاَّ أن القرآن بَرَّأَهَا، وغير ذلك من المواقف الكثيرة التي كان الصحابة ومن جاءوا بعدهم يُبْدُونَ فيها آراءهم.
هذا، وإذا كانت حُرِّيَّة الرأي والتعبير عنه وإبداؤه من الحقوق المُقَرَّرَة في الشريعة الإسلامية، فلا يجوز إيذاء الشخص لقيامه بإبداء رأيه؛ لأن الشرع أَذِنَ له بذلك، وقد رَدَّتِ امرأةٌ على عمر بن الخطاب وهو يخطب في المسجد في مسألة المُهُورِ، فلم يمنعها، بل اعترف بأن الصواب معها، وقال قولته: "أصابت امرأة وأخطأ عمر"[7].

الأمانة والصدق في إبداء الرأي

وممَّا ينبغي للمسلم وهو يستعمل حقَّه في إبداء رأيه أن يتوخَّى في ذلك الأمانة والصدق؛ فيقول ما يراه حقًّا، وإن كان هذا الحقُّ أمرًا صعبًا عليه؛ لأن الغرض من حرية الرأي إظهار الحقِّ والصواب وإفادة السامع به، وليس الغرض منه التمويه وإخفاء الحقيقة، وأن يَقْصِدَ بإعلام رأيه إرادة الخير، وأن لا يبغي برأيه ولا بإعلانه الرياء أو السمعة، أو التشويش على المُحِقِّ، أو إلباس الحقِّ بالباطل، أو بخس الناس حقوقهم، أو تكبير سيئات ولاة الأمور، وتصغير حسناتهم، وتصغير شأنهم، والتشهير بهم، وإثارة الناس عليهم؛ للوصول إلى مغنم.
وعلى هذا تكون حرية الرأي كما أَقَرَّتْهَا الشريعة الإسلامية، وهي بذلك وسيلة مهمَّة من وسائل التقدُّم الحضاري، كما أنها وسيلة للتعبير عن الذات.
د.راغب السرجاني

تابع القراءة Résumé abuiyad

تاريخ المسجد النبوي

0 التعليقات

قصة بناء المسجد النبوي:
أسس النبي المسجد النبوي في ربيع الأول من العام الأول من هجرته، وكان طوله سبعين ذراعًا، وعرضه ستين ذراعًا، أي ما يقارب 35 مترًا طولاً، و30 عرضًا، جعل أساسه من الحجارة والدار من اللَّبِن وهو الطوب الذي لم يحرق بالنار، وكان النبي يبني معهم اللَّبِن والحجارة، وجعل له ثلاثة أبواب، وسقفه من الجريد.
روى البخاري قصة بنائه في حديث طويل عن أنس بن مالك رضي الله عنه وفيه أن النبي: أَمَرَ ببناء المسجد، فأرسل إلى ملإ بني النجار فجاءوا، فقال: "يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي حَائِطَكُمْ هَذَا". فقالوا: لا واللَّه، لا نطلب ثمنه إلَّا إلى اللَّه. قال: فكان فيه ما أقول لكم، كانت فيه قبور المشركين، وكانت فيه خربٌ، وكان فيه نخلٌ، فأمر رسول اللَّه صلَّى الله عليه وسلَّم بقبور المشركين فَنُبِشَتْ، وَبِالخِرَبِ فَسُوِّيَتْ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ، قال: فصفُّوا النَّخل قبلة المسجد، وجعلوا عضادتيه (خشبتان مثبتتان على جانبي الباب) حجارةً، قال: قال جعلوا ينقلون ذاك الصَّخر وهم يرتجزون، ورسول اللَّه صلَّى الله عليه وسلَّم معهم، يقولون: "اللَّهُمَّ إِنَّهُ لاَ خَيْرَ إِلَّا خَيْرُ الآخِرَهْ، فَانْصُرِ الأَنْصَارَ وَالمُهَاجِرَهْ"(1).
ولما ازدحم المسجد وكثر المسلمون قام النبي بتوسيعه؛ وذلك في السنة السابعة من الهجرة بعد عودته من خيبر فزاد في طوله عشرين ذراعًا وفي عرضه كذلك، وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه هو الذي اشترى هذه البقعة التي أضافها النبي صلى الله عليه وسلم(2).
ومسجد النبي هو المسجد الذي أسس على التقوى كما في صحيح مسلم(3)، وفيه قال النبي: "صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ"(4). وفيه أيضًا قال النبي: "مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ لَا يُرِيدُ إِلَّا أَنْ يَتَعَلَّمَ خَيْرًا أَوْ يَعْلَمَهُ، كَانَ لَهُ كَأَجْرِ حَاجٍّ تَامًّا حِجَّتُهُ"(5).
منبر النبي
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي"(6). قوله: "على حوضي": أي أنه يعاد هذا المنبر على حاله وينصب على حوضه.
وكان النبي يخطب أولاً إلى جذع نخلة ثم صنع له المنبر فصار يخطب عليه، روى البخاري في صحيحه عن جابر رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُومُ يَوْمَ الجُمُعَةِ إِلَى شَجَرَةٍ أَوْ نَخْلَةٍ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، أَوْ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلاَ نَجْعَلُ لَكَ مِنْبَرًا؟ قَالَ: "إِنْ شِئْتُمْ". فَجَعَلُوا لَهُ مِنْبَرًا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ الجُمُعَةِ دُفِعَ إِلَى المِنْبَرِ، فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ صِيَاحَ الصَّبِيِّ، ثُمَّ نَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ، تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِيِّ الَّذِي يُسَكَّنُ. قَالَ: "كَانَتْ تَبْكِي عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذِّكْرِ عِنْدَهَا"(7). وأقيم بعد الجذع ماكنه أسطوانة تعرف بالأسطوانة المخلقة أي: المطيبة.
ولحرمة هذا المنبر جعل النبي إثم من حلف عنده -كاذبًا- عظيمًا، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: "لَا يَحْلِفُ عِنْدَ هَذَا الْمِنْبَرِ عَبْدٌ وَلَا أَمَةٌ، عَلَى يَمِينٍ آثِمَةٍ، وَلَوْ عَلَى سِوَاكٍ رَطْبٍ، إِلَّا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ"(8).
الروضة الشريفة
هي موضع في المسجد النبوي الشريف واقع بين المنبر وحجرة النبي، ومن فضلها ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال: "مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي"(9). وذرعها من المنبر إلى الحجرة 53 ذراعًا، أي حوالي 26 مترًا ونصف متر.
الصُّفَّة
بعدما حُوِّلت القبلة إلى الكعبة أمرالنبي بعمل سقف على الحائط الشمالي الذي صار مؤخر المسجد، وقد أعد هذا المكان لنزول الغرباء فيه ممن لا مأوى له ولا أهل وإليه ينسب أهل الصفة رضي الله عنهم.
الحجرة
هي حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها، دُفِن فيها النبي بعد وفاته، ثم دفن فيها بعد ذلك أبو بكر الصديق رضي الله عنه سنة 13 هـ، وكان رضي الله عنه قد أوصى عائشة أن يدفن إلى جانب رسول الله؛ فلما توفي حفر له وجعل رأسه عند كتفي رسول الله(10). ودفن فيها بعدهما عمر رضي الله عنه سنة 24 هـ إلى جانب الصديق، وكان قد استأذن عائشة في ذلك فأذنت له(11).
صفة القبور هي كالتالي
قبر النبي في جهة القبلة مقدمًا، يليه خلفه قبر أبي بكر الصديق رضي الله عنه ورأسه عند منكب النبي، ويليه خلفه قبر عمر الفاروق رضي الله عنه، ورأسه عند منكب الصديق، كانت الحجرة الشريفة من جريد مستورة بمسوح الشعر، ثم بنى عمر بن الخطاب حائطًا قصيرًا، ثم زاد فيه عمر بن عبد العزيز في عهد الوليد بن عبد الملك(12)، أعاد عمر بن عبد العزيز بناء الحجرة بأحجار سوداء بعدما سقط عليهم الحائط، فبدت لهم قدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه(13). ثم جُدد جدار الحجرة الشريفة في عهد قايتباي (881هـ).
الحائط المُخَمَّس
هو جدار مرتفع عن الأرض بنحو 13 ذراعًا؛ أي ستة أمتار ونصف، بناه عمر بن عبد العزيز سنة 91 هـ حول الحجرة الشريفة، وسُمِّي مُخَمسًا لأنه مكون من خمسة جدران وليس له باب، وجعله مخمسًا حتى لا يشبه بالكعبة.
محاولات سرقة جسد النبي وصاحبيه
1- محاولة الحاكم العبيدي: الحاكم بأمر الله (توفي 411 هـ) الأولى: أراد نقل أجسادهم إلى مصر، وكلف بذلك أبا الفتوح الحسن بن جعفر، فلم يُفق بعد أن جاءت ريح شديدة تدرحجت من قوتها الإبل والخيل، وهلك معها خلق من الناس، فكانت رادعًا لأبي الفتوح عن نبش القبور وانشرح صدره لذلك، واعتذر للحاكم بأمر الله بالريح. انظر تفصيلها في: وفاء الوفاء للسمهودي (2/653).
2- المحاولة الثانية للحاكم بأمر الله، فقد أرسل من ينبش قبر النبي، فسكن دارًا بجوار المسجد وحفر تحت الأرض فرأى الناس أنوارًا وسُمع صائح يقول: أيها الناس إن نبيكم يُنبش. ففتش الناس فوجدوهم وقتلوهم. المصدر السابق.
3- محاولة بعض ملوك النصارى عن طريق نصرانيين من المغاربة في سنة (557 هـ) في عهد الملك نور الدين زنكي؛ فقد رأى الملك في منامه النبي يقول: أنجدني أنقذني من هذين -يشير إلى رجلين أشقرين- فتجهز وحج إلى المدينة في عشرين رجلاً، ومعه مال كثير، فوصل المدينة في (16 يومًا)، وكان الناس بالمدينة يأتون إليه يعطيهم من الصدقات؛ حتى أتى عليه أهل الناس بالمدينة كلهم، ولم يجد فيهم الرجلين اللذين رآهما في المنام، فسأل الناس: هل بقي أحد؟ فذكروا له رجلين مغربيين غنيَّين يكثران من الصدقة على الناس، وذكروا من صلاحهما وصلاتهما، فطلبهما، فأتي بهما، فوجدهما اللذين رآهما في المنام، فسألهما، فذكرا أنهما جاءا للحج، وكان منزلهما برباط قرب الحجرة الشريفة، فذهب بهما إلى منزلهما فلم يجد فيه شيئًا مريبًا، وذكر الناس عنده من صلاحهما وعبادتهما فبقي السلطان يطوف في البيت بنفسه، فرفع حصيرًا فيه، فرأى سردابًا محفورًا ينتهي إلى قرب الحجرة الشريفة... فضربهما فاعترفا بحالهما الحقيقي، وأنهما جاءا لسرقة جسد النبي... فضرب رقابهما تحت الشباك الذي يلي الحجرة الشريفة.
انظر تفصيلاً أكثر في وفاء الوفا (2/648). وبعد هذه الحادثة أمر السلطان نور الدين زنكي ببناء سور حول الحجرة الشريفة فحفر خندقًا عميقًا وصبّ فيه الرصاص.
4- محاولة جماعة من نصارى الشام، فإنهم دخلوا الحجاز وقتلوا الحجيج، وأحرقوا مراكب المسلمين البحرية... ثم تحدثوا أنهم يريدون أخذ جسد النبي، فلما لم يكن بينهم وبين المدينة إلا مسيرة يوم لحقهم المسلمون -وكانوا بعيدين منهم بنحو مسيرة شهر ونصف- فقتلوا منهم وأسروا، وكانت آية عظيمة.
انظر رحلة ابن جبير (ص31-32).
5- حاول جماعة من أهل حلب في القرن السابع إخراج جسد الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ودفعا مالاً عظيمًا لأمير المدينة، فاتفقوا أن يدخلوا ليلاً، فطلب الأميرُ شيخَ الخدام بالمسجد النبوي، وهو شمس الدين صواب اللمطي، وأمره أن يفتح لهم الباب بالليل، ويمكنهم مما أرادوا، فاهتم لذلك؛ فلما جاءوه ليلاً وكانوا أربعين رجلاً فتح لهم ومعهم آلات الحفر والشموع قال شيخ الخدام: فوالله ما وصلوا المنبر حتى ابتلعتهم الأرض جميعهم بجميع ما كان معهم من الآلات، ولم يبق لهم أثر...
وهذه الحكاية لا تعرف عن غير شمس الدين صواب، فإنه لم يشهدها أحد غيره، وأمر الأمير بكتمها، ولم يحدث بها إلا أناسًا قليلين، وصواب هذا شيخ صالح أثنى عليه السخاوي كما ذكر ذلك في التحفة اللطيفة (2/248)، وذكر أن له قصة سيذكرها في ترجمة هارون بن عمر بن الزغب، ولم أجد ترجمته في المطبوع من هذا الكتاب، فالله أعلم بحقيقة الحال، وقد ذكر هذه القصة بتفصيل السمهودي في وفاء الوفا (2/653) عن المحب الطبري. والله أعلم.
من البدع المتعلقة بزيارة المسجد النبوي
التمسح بشبابيك الحجرة الشريفة وتقبيلها وإلصاق الصدر والبطن بها، قال شيخ الإسلام (المجموع 27/79): "واتفق العلماء على أن من زار قبر النبي أو قبر غيره من الأنبياء والصالحين والصحابة وأهل البيت وغيرهم، أنه لا يتمسّح به ولا يقبله؛ بل ليس في الدنيا من الجمادات ما يشرع تقبيله إلا الحجر الأسود". اهـ، لا يشرع الطواف بالحجرة الشريفة؛ لأن الطواف عبادة ولم يشرع إلا حول الكعبة قال تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29]؛ لذا يعد الطواف بالقبور أيًّا كانت شركًا أكبر ناقلاً عن الملة.
توسعات المسجد النبوي عبر التاريخ
1- توسعة النبي سنة (7 هـ) بعد عودته من خيبر.
2- توسعة عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة (17 هـ)، وبنى خارج المسجد رحبة مرتفعة عرفت باسم البطيحاء جعلها لمن أراد رفع صوته بشعر أو كلام أو غيره حفاظًا على حرمة المسجد.
3- توسعة عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة (29 هـ).
4- توسعة الوليد بن عبد الملك الأموي (من سنة 88 هـ إلى 91 هـ).
5- توسعة الخليفة المهدي العباسي (من سنة 161 هـ إلى 165 هـ).
6- توسعة الأشرف قايتباي سنة 888 هـ إثر احتراق المسجد النبوي.
7- توسعة السلطان العثماني عبد المجيد (من سنة 1265 هـ إلى 1277 هـ).
8- توسعة الملك عبد العزيز آل سعود (من سنة 1372 هـ إلى 1375 هـ).
9- توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود (من سنة 1406 هـ إلى 1414 هـ).
المصدر: موقع المنبر.

تابع القراءة Résumé abuiyad

نصف الفرصة الأخيرة

0 التعليقات



غرفة مغلقة وصمت مهيب حجب صخب الكون، غرفة خالية إلا من جسد مُسجى على سرير، وقد خلى الجسد من أي ملامح للحياة، وبجانبه وقف شاب يبكي، ولكنه بكاءا ليس كالبكاء، وارتج كيانه بعاصفة حزن وندم ما بعده ندم.




إغفر لي يا أبي تقصيري..

مر على خاطره ذكرياته مع أبيه، صغيرًا يحمله أباه، ومراهقًا صادق أباه، وشابًا لم يستطع أن يواجه مصاعب الحياة إلا بإرشادات والده وماله، ثم رجلًا جاحدًا لأباه.



تذكر أمه التي ماتت بدون أن يودعها، أمه التي ماتت بدون أن يبرها، وقد فقد معها نصف فرصته في النجاة،

كان قد نسي قول الرسول الكريم: «رغم أنفه ثم رغم أنفه من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كلاهما ثم لم يدخل الجنة» (صحيح الجامع، 3511).

تذكرها عند وفاة أمه، وعاهد نفسه على ألا يضيع النصف الأخر من الفرصة، وألا يضيع فرصة وجود أباه على قيد الحياة، وما أن مرت عدة أيام حتى عاد كعهده الأول، ناكرًا وجاحدًا لوجود أبيه الذي لم يكن بحاجة إلا لكلمة طيبة، وقبلة على اليد تشعره بوجود من يحبه، أنسته الدنيا ومشاغلها بر والده وغرته الأماني، وكلما سمع حديث للرسول صلى الله عليه وسلم، يحض على بر الوالدين، كان يقول لنفسه بأن العمر طويل، وأباه بصحة جيدة، وسيعوضه خيرًا عن كل الإهمال الذي وجده منه، وقد كان يعدها نية وماهي في الحقيقة إلا أمنية، {ولكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّـهِ وَغَرَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ} [الحديد: 14].

نظر إلى الجسد المُسجى أمامه طويلا، وكأنه غير مصدق أن نصف الفرصة الوحيد قد أهمله حتى أتى أمر الله من حيث لا يحتسب، جال بخاطره أنه بداخل كابوس مزعج سيصحو منه سريعًا، وسيجري على يد والده يقبلها ويترجاه أن يسامحه على ما مضى، حاول أن يصرخ، يجري، يفعل أي شيء حتى يخرج من ذلك الكابوس... ولكنه ظل في مكانه، وسمع الشيطان يضحك ويخرج له لسانه ليعلن إنتصاره الأكبر.


حاول أن يهز الجسد، حاول أن يعيده إلى الحياة، ولكنه سمعها في قلبه قوية، {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} [الجمعة:8]، أحس كأنه يهوي في بئر سحيق، حتى فتح باب الغرفة ودخل رجل عجوز مشى بخطوات بطيئة ووقف أمام الجسد، لحظة مرت قبل أن ينهار على الجسد وهو يبكي.



أبي..

صرخ الشاب بها ولكن أباه لم يشعر بوجوده، جرى نحوه وحاول أن يحتضنه، أن يقبل قدمه، أن يتأسف له عما بدر منه تجاهه، حاول أن يطلب منه المغفرة والسماح، ولكن أباه لم يشعر بوجوده، ولم يكف عن بكاءه وتقبيله لوجه الجسد الميت.



صرخ الشاب طالبًا العودة وتصحيح أخطاءه: {...رَبِّ ارْجِعُونِ . لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا}، فجاءه الجواب من مكان لا يدريه: {كَلَّاإِنَّهَاكَلِمَةٌهُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون:99-100].


يارب لو أعدتني لما عدت لعصياني وجحودي: {بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُوا يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الأنعام: 28]، ثم شعر بقوة تبعد أباه عنه أن تجذبه إلى هوة سحيقة والصوت في قلبه يتردد: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام:94].




علي عبد الله

تابع القراءة Résumé abuiyad

امثال و حكم

حضارتنا الاسلامية عبر التاريخ

الحضارة المغربية

تأملات

جميع الحقوق محفوظة ©2013