
كما جاءت الإنذارات من المنظمة العربية
للتربية والعلوم والثقافة في بيان أصدرَتْه العام الماضي، من خطورة الأمية
على الوطن العربي، ومؤكِّدة أن العالم العربي لم يحقق تقدمًا ملحوظًا في
القضاء على مشكلة الأمية، بل زادت سوءًا خلال الأعوام الماضية، كما أن نسبة
الأميين العرب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و45 عامًا، تبلغ 60 %، وطبقًا
لبيان المنظمة فإن مصر تحتل المركز الأول من حيث عدد الأميين في الوطن
العربي، تليها السودان، فالجزائر، والمغرب، ثم اليمن، وتضم هذه الدول الخمس
مجتمِعَةً نسبة 78 % من الأميِّين في البلاد العربية، والسؤال الذي يطرح
نفسه حاليًّا: ما هي أسباب انتشار الأمية إلى هذا الحد المريب؟ وما هو
تأثيره على الوطن العربي؟
وفي هذا المجال يقول أحمد عبدالعليم - مؤسس جمعية مصر المحروسة للقضاء على الأمية -: إنه
في البداية لا بد أن نفرق بين مصطلحَيِ الأميةِ والجهل؛ فالشخص الأمي غيرُ
الجاهل؛ حيث إن الجاهل بالشيء من الممكن أن يكون متعلمًا القراءة والكتابة
وهكذا، لكنه غير قادر على التفكير والإبداع والكتابة؛ بحيث تقابله مشكلات
عديدة مع المجتمع، ولا يستطيع التخلص منها، لافتًا إلى زيادة معدل الأمية
في الوطن العربي بصفة عامة، وفي مصر بصفة خاصة، في الفترة الأخيرة، وأهم
أسبابها الفقر، وزيادة المعدل السكاني.
وأضاف عبدالعليم:
لا نستطيع أن نفصل الأمية عن الفقر، وقلة
الموارد الثقافية في الدولة؛ هما مرتبطان ببعضهما ارتباطًا وثيقًا؛ حيث إن
الأمية هي نتيجة مؤكدة للفقر المتفشي في البلاد، فالدول الفقيرة هي التي
تزداد بها الأمية، ويرتفع بها معدل الجهل لدرجة كبيرة، وإعدام الثقافة في
الدول أدى إلى انتشار الأمية، بالإضافة إلى الجهل اللغوي، من أهم أسباب
انتشار وارتفاع الأمية؛ حيث إن الفرد العربي لديه ازدواجية في اللغة؛ حيث
إنه يكتب بلغة، ويتحدث بلغة أخرى، وبالتالي أصبحت الازدواجية في اللغة من
أهم وأكثر أسباب انتشار الأمية في العالم العربي ككل، مشيرًا إلى أن الكثير
من البلاد العربية بدأت تُفِيق من غفوتها، وتنظر لمشكلة الأمية على أنها
الخطر الأكبر، ويجب التصدي لها بكل ما نملك.
وأوضح رئيس جمعية مصر المحروسة للقضاء على
الأمية: أن من أهم الأسباب لانتشار ظاهرة الأمية المتفشية في البلاد غيابَ
المؤسسات الحكيمة في التعامل مع الأزمات ومكافحة الأمية، كما أن إهمال
التعليم سبب أساسي من أسباب انتشار الأمية؛ حيث يتم تخصيص ميزانية ضعيفة
للتعليم، كما أن النظام التعليمي في الدول العربية هزيل جدًّا؛ حيث إن
مناهج التعليم لا ترقى إلى مستوى العمل المطلوب في السوق العربية، بالإضافة
إلى أهم المشكلات، وهي الفقر، وتدني مستوى المعيشة.
وأكد رئيس جمعية مصر المحروسة للقضاء على
الأمية، على أن الأمية أصبحت منتشرة بشكل رهيب في الوطن العربي، وارتفعت
معدلاتها حتى وصلت إلى نسبة 40 % من عدد سكان العالم العربي، وهذه مشكلة
أخطر من المشكلات الاقتصادية، والأزمات الاجتماعية التي تواجهها، مشددًا
على أهمية تكاتف الأمم والدول في القضاء على الأمية؛ لأنها تعني القضاء على
التخلف في الأمم، والقضاء على الأمراض، والفقر المنتشر، والبطالة، وتحقيق
مستوًى عالٍ من التقدم في المجتمعات، ومحاولة منافسة الدول الغربية في
تقدمها؛ لأن العلم هو أحد أهم أسباب التقدم، بينما الأمية أهم أسباب التخلف
في الدول، كما أن انتشار العلم والاهتمام بالتكنولوجيا الحديثة، ليس السبب
الوحيد للقضاء على التخلف والأمية، بل التمسك بالقيم الإسلامية التي حثنا
عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتناقلتها الأجيال جيلاً بعد جيل.
كما أوضح "حسام الشربيني" - عضو بالمنظمة المصرية لإدارة الأزمات، والتي أطلقت حملة تحت مسمى "يلا نمحو الأمية"
-: أن انتشار الأمية في الوطن العربي بشكل عام، وفي مصر بشكل خاص، بسبب
الفشل في القضاء على الأمية نفسها، نتيجة لعدم إقبال الناس على فصول محو
الأمية - يرجع لعدة أمور، منها: التسرب المدرسي كأحد أهم عوامل انتشار
الأمية، وتدني الثقافة بين الطلاب في الكبر؛ حيث إن الرسوب في سنة من
السنوات يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالتسرب، فيجب وضع حد لهذا التسرب المدرسي،
وذلك من خلال وجود قوانين إلزامية في وزارة التعليم لجعل مراحل التعليم
الأولى من العمر مرحلة إلزامية، والاهتمام بالحضور والغياب في المدارس،
وفرض عقوبات رادعة على الطلاب حتى ولو تم فصله إلى مرحلة مؤقتة؛ لكي يعلم
ويعي كل طالب مدى أهمية التعليم في مراحله الأولى؛ لتجنب مشكلات الأمية،
وقلة الثقافة في المراحل الثانوية والجامعية؛ حيث إن الطفل الذي يتسرب من
المدرسة، يُخلق لديه نوع من انعدام الثقافة، والفراغ العقلي، وأحيانًا تمتد
إلى الأمية الكاملة.
وأكد "حسام
الشربيني" على أن الجهود الرسمية وحدها مهما كان حجمها، وتفاعلها،
واهتمامها في القضاء على الأمية، فإن تلك الجهود لن تستطيع وحدها الحد من
هذه الأزمة، ولا بد من مشاركة وتلاحم باقي المجتمع، فيجب سعي بعض المؤسسات
المدنية غير الحكومية للحد من ارتفاع نسبة الأمية، مشيرًا إلى عدم إخلاص
القائمين على العملية التعليمية؛ حيث تشير الدراسات أن هناك أكثر من 40% من
الطلاب يتوقفون عند المرحلة الثانوية بسبب عدم وجود أماكن شاغرة
بالجامعات.
وأضاف:
المشكلة الهائلة التي تواجه القضاء على الأمية حاليًّا هي عدم وجود
المتطوعين ذوي الكفاءة العالية، واهتمام الدولة بالأميين، وعدم إقبالهم على
العملية التعليمية، وبالتالي يجب انطلاق مبادرات في معظم الدول العربية؛
للتعريف بأهمية العلم، ومساوئ الجهل والأمية، وفتح فصول محو الأمية؛ حيث إن
الإنسان الذي لا يستطيع القراءة أو الكتابة، لا يستطيع أن يبني أمة، أو أن
ينهض بها؛ حيث يصبح الاهتمام الأول لهذه الحملات والمبادرات التعريفَ
بأهمية التعليم
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق
الله عليك اخي ما اجمل هذه الكلمات المعبرة تسلم الايادي يا غالي