أخر الاخبار

إسلاميات

شعر

خواطر

التفكير الإيجابى

فكر و معرقة

ثقافة و فنون

تنمية شخصية إيجابية

الأربعاء، 2 أكتوبر 2013

قصة قصيرة : حب صادق !

0 التعليقات
عاش رجل فقير جداً مع زوجته ،وذات مساء طلبت منه زوجته شراء مشط لشعرها الطويل حتى يبقى أنيقا..


نظر إليها الرجل وفي عينيه نظرة حزن ، وقال لها ﻻ أستطيع ذلك .. حتى أن ساعتي تحتاج إلى قشاط جلد ،و ﻻ أستطيع شراءه ..
لم تجادله زوجته و ابتسمت في وجهه !
في اليوم التالي وبعد أن أنتهى من عمله، ذهب إلى السوق وباع ساعته بثمن قليل ، وأشترى المشط الذي طلبته زوجته ..
وعندما عاد في المساء إلى بيته وبيده المشط وجد زوجته بشعر قصير جداً ، وبيدها قشاط جلد للساعة ،، فنظرا إلى بعضهما وعيناهما مغرورقتان بالدموع..
ليس ﻷن ما فعلاه ذهب سدى !! بل ﻷنهما أحبا بعضهما بنفس القدر .. وكلاهما أراد تحقيق رغبة اﻵخر

تابع القراءة Résumé abuiyad

قصة قصيرة : الإعلان والأعمى

0 التعليقات
جلس رجل أعمى على إحدى عتبات عمارة واضعا قبعته بين قدميه وبجانبه لوحة مكتوب عليها:  أنا أعمى أرجوكم ساعدوني.

فمر رجل إعلانات بالأعمى ووقف ليرى أن قبعته لا تحوي سوى قروش قليلة فوضع المزيد فيها.  ودون أن يستأذن الأعمى أخذ لوحته وكتب عليها عبارة أخرى وأعادها مكانها ومضى.


 عرف الأعمى أنه قام بكتابة شيء فغضب للحظات حتى لاحظ أن قبعته قد امتلأت بالقروش والأوراق النقدية، فعرف أن شيئا قد تغير وأدرك أن السر فيما تمت كتابته فأراد التأكد.

 فسأل أحد المارة في طريقه عما هو مكتوب عليها فكانت :" نحن في فصل الربيع لكنني لا أستطيع رؤية جماله"

غير وسائلك عندما لا تسير الأمور كما يجب .. فالحكمة تؤكد بأن نفس الأفعال تأتي بنتفس النتائج.



تابع القراءة Résumé abuiyad

قصة قصيرة : الدخان والقارب

0 التعليقات
كان هناك بحارة عددهم بما يقارب ال10 وكانت سفينتهم دائمة الترحل والتنقل.

وفي يوم ماطر وعاصف واجهت السفينة عواصف هائلة وظروف جوية صعبة افقدت قائد السفينة القدرة على مواصلة الإبحار ، مما ادى إلى انقلاب السفينة وغموض مصير من كان فيها ..وفي صباح اليوم التالي استيقظ قائد السفينة وهو على شاطىء إحدى الجزر .


جلس يتأمل البحر ويتذكر ما حصل معهم أمس ..بعد ذلك أصبح يبحث عن أي شيء في الجزيرة فوجد أشجاراً مثمرة أكل منها ، لكنه لم يجد أي آثار للحياة عليه فقرر بناء كوخ ليؤيه لفترة معينة وقد كان حزينا لما حصل معه ودائم التذمر والشكوى ومحاولا أن يتأمل البحر عسى ان تكون هناك سفينة تراه وتنقذه.

وفي يوم من الايام استيقظ وذهب لجلب بعض الثمار وقد اشعل النار تحضيراً للطبخ ..وبعد فترة قصيرة عاد ولكنه رأى الكوخ يحترق ولم يبقَ أي شيء منه علماً أنه أخذ وقتا وجهدا في بنائه ..

جلس من الصدمة وبكى بأعلى صوت وهو يردد ..لماذا حصل هذا ألا يكفي انني وحيد ألا يكفي انني ضائع هكذا ويبكي ويبكي ..ومن شدة البكاء والألم دخل في نوم عميق وفجأة استيقظ من الماء التي ارتشت على وجهه ..وإذ هم أصدقاؤه البحارة فصدم هو من هذا وسألهم كيف وصلوا إليه وعرفوا مكانه فقالوا له وجدنا سفينة وأبحرنا بها وعندما مررنا بهذه الجزيرة رأينا دخاناً يتصاعد فعرفنا ان هناك أناس هنا.

ابتسم وضحك بشدة فقد كان حرق الكوخ سبب في نجاته .


الحكمة حتى الألم الذي نشعر به بحياتنا يوجد خلفه فائدة عظيمة.


تابع القراءة Résumé abuiyad

نصف الفرصة الأخيرة

0 التعليقات



غرفة مغلقة وصمت مهيب حجب صخب الكون، غرفة خالية إلا من جسد مُسجى على سرير، وقد خلى الجسد من أي ملامح للحياة، وبجانبه وقف شاب يبكي، ولكنه بكاءا ليس كالبكاء، وارتج كيانه بعاصفة حزن وندم ما بعده ندم.




إغفر لي يا أبي تقصيري..

مر على خاطره ذكرياته مع أبيه، صغيرًا يحمله أباه، ومراهقًا صادق أباه، وشابًا لم يستطع أن يواجه مصاعب الحياة إلا بإرشادات والده وماله، ثم رجلًا جاحدًا لأباه.



تذكر أمه التي ماتت بدون أن يودعها، أمه التي ماتت بدون أن يبرها، وقد فقد معها نصف فرصته في النجاة،

كان قد نسي قول الرسول الكريم: «رغم أنفه ثم رغم أنفه من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كلاهما ثم لم يدخل الجنة» (صحيح الجامع، 3511).

تذكرها عند وفاة أمه، وعاهد نفسه على ألا يضيع النصف الأخر من الفرصة، وألا يضيع فرصة وجود أباه على قيد الحياة، وما أن مرت عدة أيام حتى عاد كعهده الأول، ناكرًا وجاحدًا لوجود أبيه الذي لم يكن بحاجة إلا لكلمة طيبة، وقبلة على اليد تشعره بوجود من يحبه، أنسته الدنيا ومشاغلها بر والده وغرته الأماني، وكلما سمع حديث للرسول صلى الله عليه وسلم، يحض على بر الوالدين، كان يقول لنفسه بأن العمر طويل، وأباه بصحة جيدة، وسيعوضه خيرًا عن كل الإهمال الذي وجده منه، وقد كان يعدها نية وماهي في الحقيقة إلا أمنية، {ولكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّـهِ وَغَرَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ} [الحديد: 14].

نظر إلى الجسد المُسجى أمامه طويلا، وكأنه غير مصدق أن نصف الفرصة الوحيد قد أهمله حتى أتى أمر الله من حيث لا يحتسب، جال بخاطره أنه بداخل كابوس مزعج سيصحو منه سريعًا، وسيجري على يد والده يقبلها ويترجاه أن يسامحه على ما مضى، حاول أن يصرخ، يجري، يفعل أي شيء حتى يخرج من ذلك الكابوس... ولكنه ظل في مكانه، وسمع الشيطان يضحك ويخرج له لسانه ليعلن إنتصاره الأكبر.


حاول أن يهز الجسد، حاول أن يعيده إلى الحياة، ولكنه سمعها في قلبه قوية، {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} [الجمعة:8]، أحس كأنه يهوي في بئر سحيق، حتى فتح باب الغرفة ودخل رجل عجوز مشى بخطوات بطيئة ووقف أمام الجسد، لحظة مرت قبل أن ينهار على الجسد وهو يبكي.



أبي..

صرخ الشاب بها ولكن أباه لم يشعر بوجوده، جرى نحوه وحاول أن يحتضنه، أن يقبل قدمه، أن يتأسف له عما بدر منه تجاهه، حاول أن يطلب منه المغفرة والسماح، ولكن أباه لم يشعر بوجوده، ولم يكف عن بكاءه وتقبيله لوجه الجسد الميت.



صرخ الشاب طالبًا العودة وتصحيح أخطاءه: {...رَبِّ ارْجِعُونِ . لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا}، فجاءه الجواب من مكان لا يدريه: {كَلَّاإِنَّهَاكَلِمَةٌهُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون:99-100].


يارب لو أعدتني لما عدت لعصياني وجحودي: {بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُوا يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الأنعام: 28]، ثم شعر بقوة تبعد أباه عنه أن تجذبه إلى هوة سحيقة والصوت في قلبه يتردد: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام:94].




علي عبد الله

تابع القراءة Résumé abuiyad

قصة العالم بن باز رحمه الله مع السارق

0 التعليقات


قفز لص من السور إلى فيلا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه، وأحس بذلك الشيخ.
وبعد صلاة الفجر أخبر أبناءه، فبحثوا في المنزل حتى وجدوه وأتوا به إلى الشيخ، وهو باكستاني الجنسية.
وعندما أمسكوا به فوجئوا بالشيخ يطلب من الطباخ أن يصنع له طعاماً، بحجة أنه جائع.
وبعد أن أكل سأله الشيخ عن السبب الذي دعاه للسرقة.


قال أن والده في باكستان يحتاج لإجراء عملية بـ 10000 ريال ولديه فقط 5000 ويحتاج لسرقة 5000 أخرى.

فاتصل الشيخ بأحد طلابه الذي يجيد اللغة الباكستانية، ليتأكد من المعلومة من خلال المستشفى الذي يجلس فيه والد الباكستاني، والمبلغ الحقيقي الذي يحتاجه فوجد بأن الباكستاني صادق في قوله.

فقام الشيخ وتبرّع بعلاج والد اللص على حسابه وأعطاه 500 أخرى قد يحتاج إليها.

صلح حال هذا اللص وأصبح من أفضل طلاب الشيخ ابن باز رحمة الله عليه، ولم يتحمل هذا الرجل وفاة ابن باز وكان يغمى عليه 3 مرات في اليوم منذ أن توفي الشيخ.

كان طلاب الشيخ وأبناؤه إذا دخلوا المسجد فرآهم هذا الرجل يغمى عليه من شدة ألمه على فقد إمام أهل السنة والجماعة رحمة الله عليه.

هذه هي أخلاق الإمام العلامة ابن باز رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جنّاته.


المصدر طريق الاسلام

تابع القراءة Résumé abuiyad

قهوة فنجاني تناثرت

0 التعليقات



كنت جالسًا خلف صفحات التاريخ، أستحضِر أجزاءً من الوجود، إذ يكسوها الحُزن لِما ألمَّ بالحال.
جدار فنجاني يتشقَّق من صدى صُراخ، من ظُلْم ترامت أجزاؤه على صفحات العمر، لتَتناثر قهوته لترسُم لوحة تبدأ من الشرق حمراء ارتوت من دماء أبناء الأمة، تنتهي في الغرب تَعِجُّ بحرب أفكار تنتقِص من مقدار وشأن ميراث ومجد الأمة.
يا أصابعي، ضمِّدي جِراح إخواني، يا نجوم الليل، بلِّغيهم أنَّنا في شوق لنَجود بكل ما نَملِك من أجلهم، قلوبنا في تمزُّق، عيوننا ساهرة، حيث غادَر النوم شواطئ بحر الليالي التي تحمِل شدة كلما سمع خبرًا عن أحوالهم.
مُرِّي يا طيور الديار على ديار مَن يبكي مِن وَحدته بين يدَي الجلاد، انثُري بشائر النصر، فالليل يرحل حين يتجلَّى طيف الفجر، ونحن أهل الحق، والحق لا محال سيسحَق الباطل من جذوره عاجلاً أم آجلاً بحق.
الدنيا رحلة سفَر، ووقتنا جزء منها، والفوز حقًّا لمن صبَر.
يا من خلَقت الألم والسعادة وقَسمتَهما بين البشر، نصرُك لنا فنحن عبيدك، لا تَخذُلنا بما فعَل السفهاء منا.
إلهنا، لا تجعل لعدوِّنا علينا سبيلاً، واجعل المصطفى قدوتنا إذا مُكِّن لنا في الأرض يا حبيبنا.

والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمد - صلى الله عليه وسلم.

محمد أحمد الزاملي


تابع القراءة Résumé abuiyad

الأحد، 15 سبتمبر 2013

تغيــر كل شيء في لحـظة

0 التعليقات


يقول أحد أشهر رجاء صناعة تنمية الذات ستيفن كوفي : كنت في صباح يوم أحد  في قطار الأنفاق بمدينة نيويورك وكان الركاب جالسين في سكينة بعضهم يقرأ الصحف وبعضهم مستغرق بالتفكير..وآخرون في حالة استرخاء،  كان الجو ساكناً مفعماً بالهدوء حتى  صعد رجل بصحبة أطفاله الذين سرعان ما ملأ ضجيجهم وهرجهم عربة القطار.


جلس الرجل إلى جانبي وأغلق عينيه غافلاً عن الموقف كله ، كان الأطفال يتبادلون الصياح ويتقاذفون بالأشياء ، بل ويجذبون الصحف من الركاب وكان الأمر مثيراً للإزعاج ..ورغم ذلك استمر الرجل في جلسته إلى جواري دون أن يحرك ساكناً وهو يحافظ على إغلاق عينيه.....!!؟؟

لم أكن أصدق أن يكون على هذا القدر من التبلد .. والسماح لأبنائه بالركض هكذا دون أن يفعل شيئاً ....!؟ يقول (كوفي) بعد أن نفد صبره  : " التفتت إلى الرجل قائلاً : ... إن أطفالك يا سيدي يسببون إزعاجا للكثير من الناس ..وإني لأعجب كيف تصبر على كل هذا.!!؟ إنك عديم الإحساس ".

فتح الرجل عينيه ....كما لو كان يعي الموقف للمرة الأولى وقال بلطف :
"نعم إنك على حق ...يبدو أنه يتعين علي أن أفعل شيئاً إزاء هذا الأمر .. لقد قدمنا لتونا من المستشفى حيث لفظت والدتهم أنفاسها الأخيرة منذ ساعة واحدة .. إنني عاجز عن التفكير وأظن أنهم لا يدرون كيف يواجهون الموقف أيضاً فاختاروا طريق الصخب ..!!"

يقول ( كوفي ) .. تخيلوا شعوري في تلك اللحظة؟؟ فجأة امتلأ قلبي بآلام الرجل وتدفقت مشاعر التعاطف والتراحم دون قيود ...قلت له : هل ماتت زوجتك للتو؟ إنني آسف ..... هل يمكنني المساعدة .....؟؟ لـقد ... تغيــر كل شيء في لحـظة !!.

دائماً هناك سبب خلف كل شيء غريب ، ودائماً سؤالنا لماذا أفضل من معاتبتنا قبل أن نعرف...هذه حكمة قصتنا اليوم.

تابع القراءة Résumé abuiyad

دخول عالم اللغة دون كلام!

0 التعليقات
من كتاب " تأملات لبابلو كويليو ".
في شتاء عام 1981 ، بينما كان المسافر يتنزه مع زوجته في شوارع براغ ، لاحظ فتى يرسم الأبنية المحيطة .

أعجب بإحدى لوحاته و قرر شراءها ، و عندما مد له يده بالنقود ، تبين له أن الفتى لا يلبس قفازاً رغم أن الطقس شديد البرودة ، فسأله :

-    لماذا لا ترتدي قفازاً ؟
-    لكي استطيع الإمساك بقلمي .

تناقشا قليلاً حول المدينة ، ثم اقترح الصبي أن يرسم بورتريه لزوجة المسافر دون مقابل .

و فيما كان المسافر ينتظر انتهاء اللوحة ، انتبه إلى شيئاً غريباً قد يحدث ، لقد تحدث مع الفتى نحو خمس دقائق دون أن يتكلم أحدهما لغة الآخر .

كل ما تحدثا به كان بالإشارات و الضحكات و الإيماءات ، لكن الرغبة بالمشاركة مكنتهما من دخول عالم اللغة دون كلام . 

تابع القراءة Résumé abuiyad

ما هو الجحيم الحقيقي؟

0 التعليقات
باولو كويلو بتصرف كي تناسب الثقافة الإسلامية - حلم أحدهم أنه مات فوجد نفسه في مكان جميل جداً محاط بكافة وسائل الراحة والجمال التي حلم بها. 

وفجأة اقترب منه رجل يرتدي ملابس بيضاء وقال له: "يحق لك أن تحظى بكل ما تتمناه: أي نوع من أنواع الطعام والمتعة والرفاهية."


فافتتن الرجل بتلك الأمور وقام بكل شيء كان يحلم به طوال حياته. وبعد عدة سنوات مليئة بالمتع، بحث عن الرجل ذي الملابس البيضاء وقال له: "لقد جربت كل شيء تمنيته. أريد الآن أن أعمل كي أشعر أني شخص مفيد وفاعل."

فأجابه صاحب الرداء الأبيض: "أعتذر. ذلك هو الأمر الوحيد الذي لا أستطيع تقديمه لك. لا عمل هنا."

فقال الرجل بغضب: "كم هذا مريع! علي أن أقضي وقت الخلود هذا وأنا أموت من الضجر! أفضل الجحيم ألف مرة على أن أكون هنا!"

فجاء له ذلك المخلوق ذو الثياب البيضاء وقال له بصوت منخفض: "وأين تظن نفسك إذاً؟"

الحكمة : الحياة من دون عمل مفيد هي الجحيم الحقيقي في هذه الدنيا.

تابع القراءة Résumé abuiyad

اغتنم فرص اليوم بالكامل

0 التعليقات
من كتاب " تأملات لبابلو كويليو ". 

قال المعلم :

استفيدوا اليوم من كل النعم التي أسبغها الله عليكم، فلا يمكن ادخار النعمة، ليس هناك بنك لإيداع النعم التي نحصل عليها، لكي نستخدمها في وقتما نشاء.

وإذا لم تستفيدوا من هذه النعم، فستفقدونها من غير رجعة.

إن الله يعلم أننا فنانو الحياة.

يعطينا في أحد الأيام صلصالاً لننحته، ويوماً أخر فرشاً للتلوين، وقطعة قماش، أو ريشة للكتابة.

لكننا لن نستطيع استعمال الصلصال لرسم اللوحات، ولا استعمال الريشة لصنع المنحوتات.

" فلكل يوم معجزته ". 


اقبلوا النعم، واغتنموها اليوم. 


وفي الغد ستتلقون نعماً جديدة. 

تابع القراءة Résumé abuiyad

الجمعة، 9 أغسطس 2013

قصة رائعة : تقرير المصير

0 التعليقات
باولو كويلو - قال الأمير لمعلمه: "أعتزم التخلي عن كل شيء. أرجو أن تقبلني كتابع لك."

فسأله المعلم: "كيف يقرر الإنسان مصيره؟"

أجابه الأمير قائلاً: "من خلال التضحية. فالطريق الذي يتطلب التضحية هو الطريق الصحيح."

اصطدم عندها المعلم ببعض الرفوف وسقطت مزهرية ثمينة، فألقى الأمير بنفسه أرضاً ليلتقطها. سقط الأمير على نحو سيء وكسر ذراعه، لكنه تمكن من إنقاذ المزهرية.

فسأله المعلم: ما هي التضحية الأكبر، أن تشاهد المزهرية تتحطم أو تكسر ذراع إنسان لإنقاذ المزهرية؟"

أجبا الأمير قائلاً: "لا أعلم."

فرد عليه المعلم بالقول: "إذاً كيف لك أن تدل على اختيارك للتضحية؟ يتم اختيار الطريق الصحيح من خلال قدرتنا على حبه وليس المعاناة من أجله." 



تابع القراءة Résumé abuiyad

الثلاثاء، 6 أغسطس 2013

حكيم الحكماء والفتى

0 التعليقات
 
أرسل أحد التجار إبنه لكي يتعلم سر السعادة من اكبر حكماء زمانه سار الفتى طوال أربعين يوماً في الصحراء قبل أن يصل أخيراً إلى قصر جميل يقع على قمة جبل حيث يعيش الحكيم الذي يبحث عنه وبدل أن يلقى رجلاً قديساً دخل قاعة تعجّ بالحركة والناس تجار يدخلون ويخرجون وأناس يثرثرون في أحدى الزوايا وجوقة تعزف قطعاً موسيقية عذبة ومائدة حافلة باشهى الأطعمة وكان الحكيم يتكلم إلى هؤلاء وأولئك فإضطر الفتى أن يصبر ساعتين كاملتين قبل أن يحين دوره.

إستمع الحكيم بإنتباه إلى الفتى وهو يشرح سبب زيارته لكنه قال أن لا وقت لديه ليكشف عن سرّ السعادة وإقترح على الفتى أن يقوم بجولة في القصر وأن يعود إليه بعد ساعتين.

وأضاف الحكيم وهو يعطي الفتى ملعقة صغيرة فيها نقتطا زيت " بيد أني أريد منك أثناء تجوالك أن تمسك بهذه الملعقة على نحو لا يؤدي لإلى إنسكاب الزيت منها "

بدأ الفتى يصعد وينزل على سلالم القصر ويتفتل في الغرف الفاخرة مثبتاً عينيه بإستمرار على الملعقة وعاد بعد ساعتين
فسأله الحكيم هل شاهدت جمال وروعة القصر التحف والسجاجيد الفارسية والحديقة الغناء ؟

إعترف الفتى مرتبكاً أنه لم يشاهد شيئاً بسبب تركيزه وإهتمامه بعدم سقوط نقطتي الزيت من الملعقة
فقال الحكيم حسناً عد الآن وتعرّف إلى هذه الروائع وشاهدها جيداً لأننا لا نستطيع الوثوق برجل إذا نحن لم نتعرف إلى المنزل الذي يسكنه

أخذ الفتى الملعقة وقد غدا أكثر ثقة بنفسه وعاد يتجول في القصر مولياً هذه المرة إنتباهه للتحف والسجاجيد وشتى أنواع الورود والأشجار في الحديقة ولدى عودته إلى الحكيم تدث الفتى بدقة عن كل ما شاهده
عندها سأله الحكيم وأين نقطتي الزيت اللتان عهدت بهما إليك ؟

فأدرك الفتى وهو ينظر إلى الملعقة ضياعهما
عندئذ قال حكيم الحكماء : " تلك هي النصيحة الوحيدة التي يمكنني أن اسديها إليك إن سرّ السعادة هو أن تشاهد كل روائع الدنيا دون أن تنسى إطلاقاً نقطتي الزيت في الملعقة "

ولا أعلق عليها إلا كما قال أمير المؤمنين عليه السلام :

(ليس الزهد أن لا تملك الأشياء ولكن الزهد أن لا تملكك الأشياء )

تابع القراءة Résumé abuiyad

الأربعاء، 31 يوليو 2013

شعاع خافت

0 التعليقات

أغمضت عيني في وجه الشمس، إلا ذاك الشق البسيط الذي تراءى لي منه شعاعٌ بسيط من النور، بدا هذا الشعاع كسلسلةٍ من الخيوط المتسقة معاً أنارت عتمة عينيّ السوداوين...

كيف لنا أن نغمض أعيننا في وجه الشمس؟

أوَليست هي مصدر الحياة وأساس الوجود على هذه البسيطة!؟


كيف لنا أن نمنع ذلك النور المتّقد في هذه الدنيا مِن أن يضيء ظلمة هذه العيون الذابلة التي لا تنفكُّ تغمض في وجه كل شعاعِ خيْرٍ أو حتى بصيرة؟.. في وجه كل شعاعِ علمٍ أو حتى شعاع حياة؟


حتى ذلك الشعاع البسيط من الأمل الذي نوهم أنفسنا أنه بقي لنا من مجدٍ ساد قروناً عديدة.. مجدٌ لسنا نحن من صنعَه، مجدٌ زائف هو الآن كما يبدو لي نفخر به.. وأي فخر!


أتفخر النحلة بذلك الورد ورحيقه؟ أم تفخر بعسلها الصافي ذاك؟...


ليتنا كنا كتلك النحلة المحلقة بعيداً، تجمع رحيقَ الأزهار لتصنع ما يطيب من عسلها...


أمّا نحن..

فما نحن إلاّ من يحاول اصطياد تلك النحلة ليقتلها..


أو ليجعل منها دبوراً شرساً قاتلاً...؟؟


تابع القراءة Résumé abuiyad

الثلاثاء، 30 يوليو 2013

حكاية دموع التماسيح

0 التعليقات


دنا التمساح الصغير بلياقة واحترام مِن كبير التماسيح ونظَر إليه مليًّا، لم يَكترِث الكبير؛ لأنه كان مشغولاً بمتابعة منظَر الظِّبيان المتسابقة لاجتياز الممرِّ الوحيد إلى الضفة الأخرى، حين أعلنَت الرياح الموسمية اقتراب فصل الرحيل.

طال انتظار الصغير التفاتةً مِن هرم القبيلة ومرجِعها المعرفيِّ الشامخ، لكنه صمَد ولبث في مكانه يترقَّب هو الآخَر ويُتابِع بمُتعة حركات الكبير، يتعلَّم دروسه النظرية الأولى في المراقَبة قبل أن يحلَّ يوم التطبيق والعمل الجاد.

بحركة مُتعبَة متثائبة استدار الكبير ناحية الصغير ورمَقه، كمَن يقول لآخَر في صيغة تعليميَّة؛ لتحقيق كفاية تواصُليَّة أو منهجية أو ثقافية ما: "يجب أن تُراقب أولاً قبل أن تَنزِل إلى القاع فتُعمل أنيابك في هذا اللحم الطريِّ...!! لكن التمساح الصغير لم يأبَه لهذا الدرس النظريِّ، ووجه سؤالاً لم يكن الكبير ينتظره: "ما سرُّ هذه الدمعة على طرف عينَيك؟ إنها لا تغيب رغم أنك تَغطس في أعماق النهر! هل هي إرث أم أنها وحم؟"

استلقى الكبير على ظهرِه مِن فرط الضحك، لكنه سرعان ما اعتدل في هيئته، وغاب في تفكيرٍ طويل نسيَ فيه هذا الصغير الذي عكَّر عليه صفو تأمُّل عميق لقطيع الظباء وهي تَجتاز في جوٍّ احتفالي وإيقاع سمفوني يُسابق الحياة والموت، ثم ندت عنه تنهيدة مُنبعِثة مِن أعماق معدة أطبَق عليها لحم الظباء وما عادت تتَّسع للهواء، ثم قال في تؤدة: "يا صغيري هذه حكاية لعنَة قديمة؛ فقد كانت التماسيح في زمن غابِر تَمشي على قدمَين ولا تقتات إلا مِن ثمار الأشجار والنبات، وتتمتَّع بقوة وسرعة لا مضاهي لها إلا مِن بعض المخلوقات التي تَمشي على اثنين كبني آدم، لكن ذات يوم وقع ما لم يكن في الحسبان!! وقبل أن يَسترسِل في كلامه، كان الصغير قد استحوَذت عليه الحكاية وسال لعابه للبقية الآتية، فغاب يتأمَّل هذا التاريخ القديم وما وقع فيه، وعندما رأى أن الكبير قد غَرق مرة أخرى في صمته قال بصوت عال: "وماذا وقع؟" انتبه الكبير إلى الصغير قربَه وتذكَّر أنه كان قد فتح سجل الماضي؛ ليَنقل إلى الصغير حقيقة تاريخ دموع التماسيح، فقال له: "اعلم أن ما وقع مِن حريق وانفجار كان يُهدِّد كل التماسيح بالفناء والهلاك الأبديِّ، لكن الأب الأول وبعض مَن كان رُفقتَه اهتدَوا إلى غارٍ كبير فوَلجوه وأقاموا به مدة طويلة في انتظار أن يسود الهدوء والأمن مرة أخرى، وفي هذه الرحلة بدأ الجوع يَزحف ويُحلِّق فوق الرؤوس ناشرًا رعبًا آخَر؛ فلا يُمكِن المغامرة بعيدًا عن الغار، ولم يكن مِن حلٍّ سوى أن يأكل بعضهم البعض، فكل مَن سقط مِن شدة الجوع يَنتهي إلى معدة إخوانه، ومِن هنا جاءت تلك الدمعة يا بُني، فهي ذِكرى أكل أبنائنا وأهلنا مُكرَهين لا مُختارين! أما عن فقدان القدرة عن الوقوف على رجلين، فقد وقع لأن المكوث طويلاً في غار ضيِّق على بطنك لا تتحرَّك إلا بمقدارٍ هو الذي صلَّب الظهر والعمود الفِقري، وقلَّص الأرجل والأيدي وصيّرها قوائم صغيرة...".

استدار الصغير وتراجع إلى الوراء متوجِّها نحو القبيلة؛ حيث بقية التماسيح ومسحَة حزن تملأ عينَيه التي بدأت دمعة تتكور بجانبهما.


تابع القراءة Résumé abuiyad

حكاية القط والعصفور..!!

0 التعليقات

كنت في الرابعة من عمري. مسالمًا.. وديعًا.. هادئ الطبع، وكنت موضع عناية الأهل جميعًا وحبهم وتدليلهم، لأنني – كما كانوا يرددون دائمًا – ((آخر العنقود)).. أي آخر الأبناء وأصغرهم. وكنت أسمع أفراد الأسرة كثيرًا ما يرددون في ضيق واشمئزاز وغضب:
- القط الأعور.
- منّه لله.
- ربنا ينتقم منّه.

ولم أكن أعرف سر نقمة الأسرة على هذا القط الأعور المسكين إلا عندما رأيته ذات يوم، وهو ينطلق بسرعة مذهلة، وقد أطبق فكيه على ((كتكوت)) من الكتاكيت التي كانت أمي مغرمة بتربيتها مع غيرها من الدواجن في حظيرة واسعة فوق سطح المنزل.

وأصبح اسم ((القط الأعور)) كابوسًا مرعبًا يقلق مضاجع الجميع. فهو دائم الإغارة على صغار الطيور المنزلية، وما يفعله بدواجننا يفعله كذلك بدواجن الجيران.

ولم أتأمل هذا القط إلا مرة واحدة في حياتي: كان اليوم دافئًا، والشمس مشرقة بعد عدة أيام من المطر المتواصل، رأيته متمددًا على سور سطحنا: كان سواده حالكًا شديد الحلكة، ولكن أقبح ما فيه الناحية اليمنى من وجهه، حيث انطمست عينه اليمنى تمامًا كأنما ولد بعين واحدة، وفوق منطقة العين المطموسة أثر شجٍّ قديم يميل إلى اللون الرمادي، وقد خلا من الشعر تمامًا.

ولم يطل تأملي أكثر من خمس دقائق، بعدها نهض ببطء، وتثاقُل، وتمطى، ثم قفز إلى سطح الجيران.
  
وذات ليلة، ونحن نتناول طعام العشاء أخذت أمي تتحدث لأبي عن القط الأعور حديثًا طويلاً لم ألتقط أغلبه، ولكني سمعت رد أبي وهو يقول في غضب:
- ليس معقولاً!!... في هذه الحالة.. يبقى قَتْلهُ حلالاً.
 
وعلمت من أمي أن القط الأعور شن صباح اليوم غارة على حظيرة دواجننا فوق السطح، وكان ضحيته سرباً من ((البط الأخضر)) عدده ثلاثون بطة، ولم يرحم طفولته التي لم تر النور خارج البيض إلا من أسبوع واحد، فالتهم ما التهم، ومات الباقي متأثرًا بجراحه، أو من شدة الرعب.

وسمعت أبي يكرر مقولته وهو يغسل يديه بعد أن انتهى من العشاء:
- شرعًا – قَتْلُه حلال.
فأردفت أمي قائلة:
- منه لله... ربنا ينتقم منه.

- ومن يومها.. وأنا أتمنى أن تواتيني الفرصة للقضاء على القط الأعور، يكون مصرعه على يديّ، فأنال إعجاب والديّ والأهل جميعًا، وتسري شهرتي بين أطفال الحارة، وربما في المدينة كلها.

ومرت عدة أيام لم يظهر خلالها القط الأعور.. ترى هل أحس بما عزمت عليه، فأخذه الخوف، وغادر الحارة، بل الحي كله؟ ووجدتني أستريح لهذا الخاطر...

وعدت أفكر من جديد: أين ذهب القط الأعور، وهو الذي كنا نراه كل يوم منطلقًا من حظيرتنا وبين فكيه فريسة: بطة خضراء... كتكوت... أرنب صغير؟!

وعلى طعام العشاء قال أبي:
- القط الأعور لم يظهر من أسبوع..
- لعل الله قد انتقم منه.
وظهرت مسحة من الارتياح على وجوه الجميع بعد كلمة أمي الأخيرة.. وأردف أخي الأكبر قائلاً:
- يظهر أن ربنا انتقم منه فعلاً.. أنا رأيت جثة قط أسود يشبهه تمامًا... ملقاة على ناصية حارة أم عبده.. وازدادت أمارات الطمأنينة اتساعًا على الوجوه.

ومر أسبوع آخر على غياب القط الأعور... أسبوعان مضيا، ولم يظهر القط اللعين... وكان الجميع يشعرون بالراحة والسعادة لانقطاع شره واختفائه عن الأنظار. أما أنا فقد أخذني شعور بخيبة الأمل، لعدم تحقق أمنيتي التي كنت أحرص على تحقيقها بأن يكون مصرع القط الأعور على يديّ.

ثم كان صباح يوم جمعة لا أنساه أبداً... إذ سمعت صوت أختي الكبرى تناديني من حجرة الضيوف، وفي صوتها رنة فرح، لأنها استطاعت أن تمسك بعصفور دخل الحجرة خطأ، وهي تقوم بتنظيفها وتنظيمها، وعجز عن الخروج بعد أن أغلقت دونه كل النوافذ الزجاجية: ومدت إليّ يدها بالعصفور:
- هدية مني لك.. مبسوط؟ لكن انتبه له حتى لا يطير منك.

وبقدر فرحي بالعصفور كان خوفي أن يفلت من بين أصابعي ويطير. ولكن كيف ألْهو به وهو لا يفارق يدي بهذا الشكل. وراودتني فكرة سرعان ما نفذتها.. حقًا إنها فكرة رائعة: ربطتُ العصفور من رجله في خيط طوله قرابة متر وخوفاً من أن يفلت الطرف الآخر من يدي.. ربطته في عصا أبي من ناحية يدها المعقوفة، ودخلت غرفة الضيوف، وقد أحكمتْ أختي إغلاق نوافذها الزجاجية، وأمسكت العصا الغليظة من طرفها الآخر، وكدت أطير فرحاً، وأنا أرى عصفوري يطير يمنة ويسرة، وهو مشدود إلى الخيط الذي أحْكمتُ ربطه في العصا. كان الوقت يمضي سريعًا، وأنا في سعادة غامرة، وخصوصًا وأنا أرى العصفور يصطدم بزجاج النوافذ محاولاً الانطلاق إلى الحرية، وهو لا يعرف أن الزجاج يحول دون ما يريد، فلما بلغ به التعب مداه حط على الأرض وهو يرتعش في فزع مكتوم.

وفجأة حدث ما لم يخطر ببالي.. رأيت القط الأعور يدخل الحجرة في سرعة مذهلة، وينقض على عصفوري المتهالك، ويطبق عليه فكيه، ولم يعد في يميني إلا عصا أبي وفي يدها المعقوفة الخيط الذي انفصل عنه عصفوري المسكين.. كل ذلك تم في لمح البصر، وبقدر ما أصبت بالفزع للمفاجأة التي لم أكن أنتظرها، لأنني بل الأسرة كلها كنا نعتقد أن القط الأعور في عالم الأموات من أسبوعين، سرعان ما غمرني شعور قوي بالارتياح...

- آه هذه فرصتي التي قد لا تتكرر... القط الأعور سعى إليّ بأرجله.. ليكون مصرعه على يديّ... وأكون بطلاً في أنظار الجميع....

وبحركة عفوية ألقيت بكل ثقلي على الباب، وأحكمت إغلاقه من الداخل ((بالترباس))... هأنذا أواجه هذا الأعور الدميم.. ورن في أذني كلمات أبي ((هذا القط قتله حلال.. حلال شرعًا)).. وشعرت بقوة غير عادية تسري في بدني، فرفعت العصا، وأهويتُ بها على القط، ولكنه أفلت منها ببراعة، وتخلى عن عصفوري الذي كان جثة هامدة.. وهرب القط إلى الزاوية اليمنى البعيدة من الحجرة... ووجهت إلى القط ضربة أخرى لم تصب منه إلا قدمه اليسرى الخلفية، فصرخ صرخة غريبة متحشرجة، ووثب إلى إحدى النوافذ، فاصطدم رأسه بالزجاج الذي اعتقد أنه مَخرَج إلى الشارع لا يمثل عائقاً عن الخروج، وأخذت ألاحقه بضرباتي الشديدة التي كانت تخطئه، وأخذ يقفز في محيط الحجرة.. كان يأتي على محيط الحجرة في قفزتين.. كل قفزة تمثل نصف دائرة.. ثم يسقط على الأرض للحظة واحدة فأهوي عليه بالضربة التي كان يتفاداها بالقفزة الثانية.. تكرر ذلك أكثر من عشر مرات.. وحماستي وقوتي تزداد... لحظات.. وأحظى بالنصر والبطولة في هذا الصراع.. وأخيرًا أصابت عصاي ظهر القط.. وأحسست بالرعب الشديد عندما بدأ يصرخ صرخات هستيرية شديدة...

وتغير الموقف تمامًا.. فقد تحول القط إلى حيوان أسود غريب السحنة.. أعور العين أكبر من القط أربعة مرات على الأقل..

.. وبدأ هذا الحيوان يهاجمني.. وأنا أهرب منه في أركان الحجرة وأصرخ مستغيثًا بصوت مخنوق.. ووثبت إلى الباب.. محاولاً فتح الترباس... ولكن ما كانت يداي المرتعشتان تتمكنان من ذلك.. وسمعت صوت أبي وأمي وأختي الكبرى... خارج الحجرة...

- افتح الباب... افتح الباب بسرعة...
- ما أقدر الحقوني... القط الأعور سيقتلني.
ودفعوا الباب بشدة.. وانكسر الترباس.. وارتميت على صدر أبي... وأنا أصرخ...

- القط الأعور... القط الأعور.
- أين يا بني... لا قط ولا شيء.
ونظرنا جميعًا في كل أرجاء الحجرة... فلم نجد للقط الأعور أي أثر... ولم نجد أي أثر لعصفوري الشهيد.. لم نجد إلا عصا أبي ملقاة في أحد أركان الحجرة، وفي يدها المعقوفة طرف الخيط.

وأخذت أمي وأختي تهدئان من روعي، وانهالت عليّ قبلاتهما الحانية... لم يمض على ما حدث أكثر من دقيقتين.. وفجأة اخترق أسماعَنا صوتُ مظاهرة جماعية يأتي من الشارع المقابل.. ويقترب من بيتنا... وأراد أبي أن ينسيني ما أنا فيه فأخذ بيدي إلى الشرفة الأرضية التي تطل على الشارع..

- ولا يهمك.. لا تخف يا حبيبي – تعالى تفرّج على العيال... وانظر ماذا يفعلون.
كانت مظاهرة من عشرات الأطفال.. كانوا يهتفون هتافات جماعية منغومة:
- قتلوه... قتلوه..
- يستاهل...
- القط الأعور...
- يستاهل..
- ابن الحرمية..
- يستاهل...
- خطّاف الفرخة...
- يستاهل..
- قتلوه.. قتلوه..
- يستاهل..

وتنفستُ الصعداء.. وقد أمسك طفل بذيل جثمان القط الأعور وقد انتفخ بطنه، وهو يسحبه على الأرض بين تهليل الأطفال وهُتافاتهم... إنه هو... هو بعينه العوراء المطموسة... والشج الرمادي الخالي من الشعر فوقها.. ولكني رأيت فوق عينه السليمة أثر دم متجمد.. الحمدلله فقد استراحت أمي واستراح الجيران من شر هذا اللعين.. وإن جاء مصرعه على يد غيري... ولكن طفر إلى ذهني سؤال... هل من المعقول أن يقتل القط بهذه السرعة؟ إنه لم يفر من غرفة الضيوف إلا من خمس دقائق فقط، ثم كيف تكونت هذه المظاهرة بهذه السرعة؟ وكيف تورم جثمانه خلال هذه الدقائق؟.

ولم يقطع تفكيري إلا صوت أبي، وهو يتحدث إلى خالد أكبر الأولاد، وقائد المظاهرة..
- من قتله يا خالد؟
- عم حسن الفران.. قتله بضربة واحدة بحديدة الفرن الساخنة...
ثم واصل كلامه في شيء من الزهو:
- أنا رأيته وهو يقتله لأنه حاول خطف رغيف من طاولة العيش...
- متى حصل هذا؟.
- أمس... بعد العشاء.
وندّت مني صرخة مفزوعة، ووقعْتُ مغشيًا عليّ.


تابع القراءة Résumé abuiyad

أنـا وفيليـب ومحمـد

0 التعليقات


لا أعرفه.. للمرة الأولى سمعت باسمه من فيليب.. كان عامنا الجامعي الأول..
 أمضيت مع فيليب أجمل أوقات يمكن أن تتاح لفتاة برفقة شاب رائع..
 فيليب كان حنوناً ودوداً، يبحث عن أي شيء وكل شيء قد يجعلني سعيدة..
 يقلد لي أصوات الحيوانات والطيور..
 مرة التفتُّ إليه وكنا نمشي معاً في الطريق، فانفلتت مني ضحكة عالية، عندما شاهدته يمشي على يديه..
 فيليب كان يأتي بالأعاجيب ليحتفظ بابتسامتي طوال الوقت.. دائماً يقول إنها وقود مكوكه الفضائي الذي ينوي أن يخترق به الفضاء..
فيليب كان يحلم كثيراً، وعلمني أن أحلم مثله..
 كان يرى الأشياء جميلة ومواتية، وعندما تعتريني نوبة من اليأس يقول لي: "أغمضي عينيك"..
 ثم يأخذني من يدي ويقول: "إذا يئست من مواصلة السير في العالم، فأغمضي عينيك هكذا، ثم أمسكي بيدي، ودعي لي مهمة قيادة الطريق، فإذا اشتقت إلى رؤية وجهي؛ افتحي عينيك"..
 ولم أكن أغلق عينيّ أبداً؛ لأني كنت دائماً أشتاق لرؤية وجه فيليب الضحوك المتفائل يقول لي: "تفاءلي".
فيليب كان حبيبي، وصديقي، وأسرتي التي أفتقدها كثيراً حيث منزلنا الجميل في الريف الإنجليزي..
فيليب كان زميلي، وأحياناً أستاذي حين تفوتني إحدى المحاضرات..
فيليب صار عالمي الذي هجرت العالم إليه.. أحلامي التي أنتظرها أن تتحقق، ولذتي التي لا تنتهي.
انتهى عامنا الجامعي الأول لا أعرف كيف!!..
 الوقت يمر سريعاً برفقته..
 لكن فيليب قبيل اختبارات نهاية العام، بدأ يتغير.. يعتريه الصمت أحايين كثيرة دون مبرر..
 أكثر من مرة كنت أنتهي من حديثي ثم أكتشف أن فيليب الجالس بجواري لم يكن يسمعني، ولم يكن أيضاً يقول لي: فيم يفكر؟!.
كان يطيل النظر إلى الأفق كأنه يحدق في شيء.. هل ثَمّ شيء في الأفق حقاً؟! شيء يراه ولا أراه؟!
كنت على يقين في تلك الآونة التي يتأمل فيها الأفق أنه لا يسمعني، ولا يشعر بأصابعي التي تتغلغل في شعره في محاولة لاستعادته من رحلته،
 بل ربما لا يشعر بوجودي أصلاً.
فيليب بدأ يختلق الأعذار ليتهرب من مرافقتي إلى مخدعي.. هل ثَم شيء طرأ عليّ؟!..
 ألست جميلة حقاً كما كان يردد دائماً؟!.. ألم أعد أعجبه؟!..
 هل ثَم فتاة أخرى؟!.. ولكن أين؟!..
 أسئلة لم أكن أطرحها على فيليب، لربما كان لا يريد إلإجابة عنها..
يعود في وقت متأخر من الليل.. يتسلل إلى غرفته حتى لا أشعر به..
 أكثر من ليلة لم يعد إلى مسكننا أصلاً..
 اعتاد أن يمضي بعض الليالي برفقة أصدقائه الطلاب العرب الذين تعرف عليهم أثناء تردده على مكتبة الجامعة.
تيقنت أن فيليب يتهرب من المبيت في فراشي عندما ألفيته يوصد باب غرفته عليه من الداخل..
 جُن جنوني..
 خِلت أن برفقته فتاة أخرى..
 طرقت عليه باب غرفته بقوة، لكن فيليب فتح لي الباب وهو يفرك بقايا النعاس في عينيه، ولم يكن ثَم أحد في الداخل..
 تعلل بأنه (نسي) وأوصد الباب،
 بيد أن نسيانه المتكرر أكد لي أن فيليب يتهرب من فراشي.
لا أنسى تلك الليلة التي انتظرته فيها حتى عاد في وقت متأخر..
 كنت في حاجة إليه..
 بدأت بغوايته حتى اقتدته إلى غرفتي..
 ليلتها ردد أكثر من مرة: "لا.. لا.. لا ينبغي أن نفعل ذلك.. لورا.. حرام.. حرام"..
 لم أكن أعرف تحديداً ماذا يعني بتلك الكلمة.. (حرام).. حسبتها كلمة عابرة، وأن فيليب معتكر المزاج لا أكثر..
 لكن فيليب بعد أن فرغ مني.. تمدد بجواري على الفراش يراقب سقف الغرفة.. فاغر العينين..
 هَمّ فجأة وهو يكتم فمه بيده..
 اندفع إلى المرحاض، وسمعت دوي قيئه عنيفاً كأنه يفرغ أحشاءه..
 هُرعت إليه، فوجدته جاثياً على ركبتيه يبكي..
 رفع رأسه.. تأملني بعينين دامعتين متوسلتين.. "لورا.. لا ينبغي أن نفعل ذلك ثانية.. ساعديني أرجوك".
ليس هذا فيليب الذي أعرفه..
 فيليب تغير كثيراً.. ولم يكن يجيب عن شيءٍ من أسئلتي..
 دائماً يؤكد لي أنه لا يزال يحبني، لكنه يفكر في (صيغة أخرى لعلاقتنا)..
 ولم أكن أعرف أي صيغة يقصد، ولا كيف تكون تلك الصيغة؟!.
رفقاء الدراسة الذين كانوا يختلسون النظر إلينا، بدؤوا يلاحظونني أجلس وحيدة كثيراً بجوار المقعد الفارغ الذي ينتظر معي عودة فيليب..
 فيليب الذي بدأ يمضي معظم وقته برفقة أصدقائه الشبان العرب..
 كنت أحاول الاختلاط بهم كلما شاهدته جالساً معهم على أمل استعادته، أو حتى البقاء بجواره، وإن لم يشعر بوجودي،
كان الشبان ودودين مع كثير من التحفظ..
 كانوا يتحاشون النظر إليّ.. كان أحدهم يخاطبني وهو ينظر في اتجاه آخر أو ينظر إلى الأرض، حتى أني كنت أظنه لا يخاطبني..
كان فيليب يلفت انتباهي:
-      لورا.. إنه يتحدث إليك..
-      ولكنه لا ينظر إلي.. هل أنا قبيحة إلى هذا الحد؟!
-      لا.. بل لأنك جميلة إلى هذا الحد!!
ويضحك فيليب، ويضحك الشبان.. وأنا لا أفهم شيئاً..
كانت تثور ثورتي،
 لكن فيليب بوداعته، أوضح لي أنهم مسلمون، وأن دينهم يأمرهم ألا يطيلوا النظر إلى النساء الأجنبيات، وأن هذا أحد الأشياء المحرمة عليهم.
تعجبت كثيراً من شأن هؤلاء.. تعجبت أكثر لشأن فيليب الذي بدا معتاداً على الشباب، كأنه واحد منهم.. حتى أنه طلب مني أن أتحفظ في ملابسي عندما أكون برفقتهم، حتى لا أسبب حرجاً للشبان الذين يتحاشون الاختلاط بالفتيات والنظر إليهن.
فيليب تغير بالفعل..
 كثيراً ما كنت ألمح في يديه بعض الكتب التي يدلف بها إلى غرفته سريعاً، ثم يمضي أوقاتاً طويلة في قراءتها..
 لم أكن أشك أنها تخص أصدقاءه العرب، الذين شاركوني قلب فيليب وعقله،
 ولولا إصراري على مشاركتهم فيليب، حتى وهو معهم، لما تركوا لي منه شيئاً.
بدأ يتسرب إلي يقين أن شيئاً خطيراً يدور..
 أن فيليب.. ربما.. ربما يفكر أن يعتنق دينهم..
 شواهد كثيرة كلها تؤكد ذلك..
 هجره رفقاء دراستنا، وملازمته هؤلاء الشبان..
 ابتعاده عني حتى وهو معي..
 عاداتهم ومعتقداتهم التي يتحدث عنها وكأنه أحدهم.. الكتب التي يتسلل بها..
 دخان البخور الشرقي الذي يتسرب من تحت باب غرفته الموصدة عليه كل ليلة..
 (الترانيم) العربية التي أسمعه يرددها في جوف الليل ثم يبكي بصوت مرتفع..
 نعم.. فيليب دخل دينهم.. (فيليب يضيع مني)!!
ذات صباح أفقت من نومي على طرقات فيليب القوية على باب غرفتي، وصياحه علي في الخارج..
- لورا.. افتحي.. افتحي سريعاً يا حبيبتي.
فيليب لم يعد يدخل علي غرفتي وأنا نائمة.. كان يتحاشى النظر إلي وأنا متخففة من ملابسي تماماً مثل رفاقه..
 كنت أتحفظ في ملابسي حتى لا أغضبه، كنت أخشى أن يأتي يوم يقرر فيه الاستقلال عن مسكننا.
ارتديت ثيابي التي يرتضيها فيليب.. فتحت الباب.. شاهدته يقف أمامي مرتعداً فرحاً خائفاً ملتمع العينين..
- ما الذي ألمّ بك؟
- رأيته..
- رأيت من؟ وأين؟
- الرسول يا لورا.. رأيت الرسول..
 -    فيليب.. أي رسول؟
 -    محمد.. رأيت سيدنا محمدًا.. حلمت به.. أنا مسلم يا لورا.. أنا مسلم.
صرخ وضحك وبكى، وأنا واقفة في ذهولي لم أزل من وقع الصاعقة..
 (سيده محمد)!!.. وفيليب مسلم.. قالها صراحة..
 كانت المرة الأولى التي أسمع فيها بهذا الاسم.. محمد..
 لم أكن أتوقع أنه سيصبح اسم الرجل الذي أحبه؛
 فقد أخبرني أنه لم يعد يرغب في اسم (فيليب)، وأنه يحب أن أناديه باسمه الجديد.. (محمد).
ولكنني أحببت فيليب.. محمد هذا لا أعرفه.. لم أحبه.. صرخت فيه:
- أنا لم أحب محمداً هذا ولا أعرفه.. أنا أحبك أنت.. أنت فيليب المسيحي..
نظر إلي نظرة باردة لم أرها في عينيه من قبل، وتمنيت أني لم أرها أبداً.. بدا واضحاً أنه لم يكن يود سماع ذلك مني..
- لورا.. أنا محمد.. محمد المسلم.. فيليب المسيحي أصبح ماضياً..
 أنا مسلم يا لورا وأتمنى أن تكوني مسلمة أيضاً.. لكنني سأترك لك الخيار..
موافقتي على وجود رسول الشبان العرب في حياتنا كانت بطاقة مرور لي إلى عالم فيليب الجديد..
 حقيقة لم أكن أحبه، ولم أكن أكرهه.. مشكلتي أني لم أكن أعرفه..
 فيليب الجميل كان يقدر هذا.. قال إنه لن يرغمني على الدخول معه في الإسلام، وإن دينه الجديد يسمح له بأن يتزوجني وأنا مسيحية..
 قال أيضاً إنه يتمنى أن أكون مسلمة؛ لأنه يريد أن أكون زوجته في الجنة.. وهذا لا يتسنى لي إلا إذا كنت مسلمة..
قال لي فيليب: "لا أتصور أنك لا تشاركينني أهم شعور في حياتي.. حب محمد"..
عندما قلت له إني أحب كل الأشياء التي يحبها، حتى رسوله محمد، قال لي: "ليس ذاك يا لورا.. يجب أن تكوني مسلمة حتى تستطيعي أن تحبي محمداً.. يجب أن تعرفي من يكون الرسول.. يجب أن نحب محمداً أكثر مما يحب كلانا الآخر.. أنا أحبك يا لورا.. لكنني أحب الرسول أكثر.. هذا هو الإسلام".
لم أكن أتصور أن أسمع من فيليب يوماً أنه يحب شيئاً أكثر مني..
 لكن شعوري بأنه لا يزال يحبني جعلني أوافق.. المهم في النهاية أن أكون مع فيليب..
 لا يهم.. فليحب العالم بأسره ما دام يحبني. 
محمد.. ما الذي يجعل الشبان العرب يحبون هذا الرجل هكذا، كما لو كان حياً يجلس بينهم ويتحدث إليهم..
 حتى فيليب أصبح يحبه كما لم يحب أحداً من قبل..
 يحبه أكثر مما يحب أبويه وأسرته.. أكثر مما يحبني أنا لورا.. لا أصدق!!.
كان علي أن أقبل.. ليكن فيليب مسلماً.. وليكن اسمه محمداً.. وليحب محمداً أكثر مني ومن أي شيء..
 كان علي أيضاً أن أوافق على طلب فيليب أن يتزوجني ونحن ما زلنا طالبين..
 فيليب قال إن صداقتنا محرمة في دينه الجديد.. وإن علينا الزواج إن أردنا الاستمرار معاً.. وما كنت لأرفض.
تزوجت فيليب على رغم معارضة أهلي.. استطعنا أن نعمل وندبر حياتنا..
 فيليب بدأ يطلب مني أشياء لم أعتدها.. طريقة لباسي مثلاً، واختلاطي بالآخرين..
 كان يقول: إن زوجات الرسول وبناته كن يلبسن ثياباً ضافية على أجسادهن، ويغطين وجوههن، ويخاطبن أصحاب الرسول فلا يرينهم ولا يراهن أصحاب الرسول..
 حاولت أن أقول له إنني مسيحية،
قال لي: "ولكنني مسلم.. إنني أغار عليك يا لورا"..
 أمر مدهش.. فيليب يغار، ويقولها صراحة..
مفردات جديدة بدأت أسمعها ولا أكاد أصدقها.. المدهش أكثر أني لم أعترض..
 المدهش أكثر وأكثر أنني لبيت كل ما طلب مني وما رغب..
 ثمة شيء داخلي كان يستجيب لكل ما يفعله بي فيليب وصاحبه (محمد)..
 فيليب لم يعد يتحدث عن رغبته الخاصة في شيء ما..
كل ما كان يطلب مني أن أفعله أو لا أفعله أشياء تتعلق بموافقة (الرسول) أو رفضه..
 كان يساورني شعور أنني سأعود يوماً إلى مسكننا فأجد فيليب جالساً يتحدث معه، على رغم علمي بموته من مئات السنين..
 لم أعد أستغرب شيئاً..
 إنه يدير حياتي مع فيليب من قبره، بل وحياة الشبان العرب، بل وملايين المسلمين الذي علمت أنهم يخضعون أنفسهم لرقابة ذاتية صارمة، ليتيقَّن أحدهم أنه لم يأت شيئاً يغضب الرسول، وأنه يفعل كل ما يرضيه عنه؛ لأن الرب سيرضى إذا رضي الرسول..
ملايين المسلمين يعتقدون ذلك..
 ملايين البشر يحبون رجلاً واحداً كل هذا الحب، ويتعلقون بحبه كطوق نجاة أتيح لغريق..
 ملايين البشر يتسابقون إلى التشبه برجل ولد وعاش ومات في صحراء العرب..
 ما الذي جعل أفكاره تلك تبرح صحراءها في ذلك الزمن القديم، وتنتقل آلاف الأميال حتى تقطع طول الأرض وعرضها، ثم تمتد عبر الأجيال يتناقلونها في تفاصيلها الدقيقة..
 حتى معاشرة فيليب إياي، كان يحرص على أن تكون أشبه بمعاشرة (محمد) لزوجاته.. طعامه.. شرابه.. حديثه.. علاقاته بالآخرين..
 حتى سلامه علي حال عودته إليّ.. كل شيء تغير.. أنا أيضاً بدأت أتغير.. محمد غير كل شيء..
كنت خائفة من المجهول الذي أرتاده مغمضة العينين،
 لا أعرف فيه سوى فيليب الذي يأخذني من يدي، فأتبعه إلى حيثما شاء..
كنت في حاجة إلى معرفة شيء عن ذلك المجهول. (محمد)..
 اسم وجدته أخيراً في ثنايا بعض كتبنا.. سيرته وشهادات عنه.. لأكثر من بروفيسور..
 كثيرون يرونه عبقرية نادرة..
 محمد فيلسوف العرب، الذي رسم لهم معالم المستقبل، ولم يحيدوا هم وغيرهم من المسلمين غير العرب عما رسمه لهم إلى الآن..
 صغارهم يرضعون حبه من أثدية أمهاتهم،
 ثم يتعهدهم الآباء كباراً بتعاليم الرجل الذي يصر المسلمون على أنه رسول وليس فيلسوفاً كما تقول بعض كتبنا..
 ما أدهشني أن الرجل كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب، فأين تعلم رجل الصحراء الأميّ الفلسفة؟!..
أسئلة بدأت تجد طريقها للمرة الأولى إلى عقلي..
 محمد لم يكن بالنسبة إلي أكثر من قنطرة يجب أن أعبر عليها إن أردت أن أكون مع فيليب..
 ستار أسدل حول جسدي بل وحياتي كلها برغبة من فيليب الذي أحب الرجل حتى أشهر إسلامه، وسعى إلى تغيير اسمه رسمياً فأصبح (محمد شيرار).
محمد لم يعد مجرد أشياء تحدث من حولي وتحدث لي على رغم مني..
محمد بدأ يدير حواراً داخلي..
 من المؤكد أن رجل الصحراء الأمي لم يكن فيلسوفاً..
ومن المؤكد أيضاً أنه لم يكن رجلاً عادياً..


محمد بالنسبة إلى المسلمين ـ الذين أصبحت زوجة أحدهم ـ فلك تدور فيه حياتهم، يحبونه أكثر مما يحبون أنفسهم..
 طريق لا تحيد عنه خطاهم..
  أمنية أحدهم أن يقدم ما يرضي عنه (الرسول) في الحياة الآخرة، التي سيبعث الرب الناس إليها بعدما ينتهي العالم، حيث يكون أكثرهم حباً لمحمد واتّباعاً له أقربهم منه في تلك الحياة.
زوجي فيليب كان أحد هؤلاء الذين سيطرت عليهم الفكرة..
 الحياة مع محمد..
 الشبان العرب كذلك.. ملايين المسلمين يتملكهم ذلك الاعتقاد..
 ملايين المسلمين يعيشون على أمل لقاء محمد في الآخرة والسلام عليه والعيش إلى جواره.
وأنا.. هل سأكون معهم؟..
 هل سيفرض علي أن أعيش مع محمد في الحياة الآخرة كما فرض علي العيش معه في الدنيا في كل دقيقة من دقائق حياتنا التي نتنفس فيها هواء (محمد) الذي يملأ به فيليب بيتنا؟!..
لا.. فيليب قال إن ذلك لن يحدث.. لأنني ما زلت مسيحية..
 وجنة (محمد) لا يدخلها إلا المسلمون..
 يا إلهي.. ولكن فيليب سيكون معه..
هل يعني هذا أنني سأكون من دون فيليب في الحياة الآخرة؟!.
 هل حقاً سأكون وحدي؟!!..
 مع مَن؟!.. مع يسوع مثلاً؟!!..
 ولكن فيليب قال إن محمداً ويسوع أخَوان، وإنهم جميعاً سيكونون معاً..
 محمد وفيليب ويسوع..
 يا إلهي.. فأين أكون أنا؟
 هل ثَم حياة أخرى فعلاً؟!..
 هل ستنهض تلك العظام حقاً من رقادها القديم تحت التراب؟!..
يا إلهي.. اغفر لي.. لقد تعبت من التفكير.. تعبت من كل شيء.
بيد أن فيليب قطع علي أفكاري..
 فيليب قرر السفر مع وفد من جماعة حقوق الإنسان التي أصبح عضواً فيها إلى فلسطين، ليناهضوا اليهود في حربهم ضد مسلمي فلسطين..
 فيليب قال إن هذا (جهاد)، وإنه أكثر شيء يقربه من محمد أن يدافع عن المسلمين الذين وصفهم بأنهم (إخوانه)..
قال لي: "لا تخافي يا حبيبتي.. لن نكون أكثر من حائط بشري يحمي إخواننا المسلمين الضعفاء من اليهود..
 لن يتمكنوا من إيذائنا، فالعالم كله يشاهد.. إن شاء الله سأعود"..
دعوت الإله أن يعود..
 دعوت إلهي، إله يسوع.. وحتى إله محمد وفيليب..
 ودعوت الإله الواحد الذي حدثني عنه فيليب..
إله محمد ويسوع وفيليب والشبان العرب..
 دعوت كثيراً أن يعود فيليب.. لكن فيليب لم يعد..
 إحدى رصاصات الجيش الإسرائيلي أخطأت طريقها فسكنت صدره.. تلك هي النهاية إذن؟
 رصاصة في صدر فيليب، وامرأة تجلس في انتظار غائبها الذي لن يعود؟
 كان يلزمني وقت كبير لأصدق أن فيليب مات وأن كل شيء انتهى..
 تبًّا لتلك الحياة التي نعيشها،
 هل تسدل الستار على مشاهد حياتي أنا وفيليب رصاصة انطلقت بالخطأ من فوهة بندقية أحدهم؟!
أين عدالتك أيتها الأرض؟ أم أنه ليس ثَم عدالة فوقك؟
 إذن أنا في انتظار عدالتك أيتها السماء؟ ولكن متى؟


 فيليب مات ولن يعود، وسأظل في هذا الكون بمفردي حتى.. حتى ماذا؟
 هل ثم سبيل حقا إلى رؤية فيليب، هل ثم حياة أخرى أعيشها معه؟
 با إلهي أدركني، إن عقلي يتمزق..


 رصاصة أخطأت طريقها تفعل هذا كله بحياتي؟ لا أكاد أصدق!!..
 لكنني كنت أعلم أن فيليب، زوجي المسلم، لم يخطئ طريقه إليها..
فيليب دائماً كان يتمنى أن يموت مجاهداً في سبيل الإسلام ليكون (شهيداً)..
 وشهيداً هذه عند المسلمين تعني أنه مع محمد.. (محمد) حبيب فيليب حبيبي وزوجي..
(محمد) الذكرى الباقية لي من فيليب..
 محمد الذي لم أتصور أنني يوماً ما سأحبه، ليس فقط لأنه ذكرى فيليب كما كنت أظن بادئ الأمر، عندما قررت الانضمام إلى الشبان والفتيان العرب المسلمين لأكون بينهم مكان فيليب، بل لأنه يستحق ذلك..

 
 نعم أحب محمداً فعلاً.. أحبه صدقاً، وليس من أجل فيليب..
 أحبه لأنه كان حنوناً، ولأنه كان رحيماً، ولأنه تعب كثيراً ليملأ قلوب العالم بحب الرب..
 الرب الواحد.. رب يسوع ومحمد وفيليب والشبان العرب وملايين المسلمين..
 نعم أحبه لأنه أوذي كثيراً وأُخرج من بلده وعاش غريباً يدعو إلى دين الرب (الإسلام)..


 يكابد الجوع والخوف على نفسه وأهله وأصحابه ويخوض حروباً مع أعداء الرب..
 يموت أصحابه حوله من أجل دعوته ثم يموت هو وتبقى دعوته،
 ويبقى حبه في قلوب أصحابه تتواصى به الأجيال..


حب (محمد) الذي مس قلب فيليب فظل يركض بقوة إليه حتى سقط مغمض العينين باسماً مستبشراً بلقائه..
 حب محمد الذي مس قلبي وقلوب هؤلاء الذين أسير بينهم الآن في شوارع لندن، نهتف باسم محمد ضد ذلك الأخرق الذي أساء برسومه الساخرة إلى الرسول (محمد).. الذي لا يعرفه، ولو عرفه لما أساء إليه..

 
الآن أمشي وسط الشبان والفتيات العرب، على الطريق نفسها التي ينتظر في آخرها (محمد) واقفاً عند حوض مائه العذب..
 يسقي منه بيديه الطيبتين الحانيتين النورانيتين أحبابه وأصحابه الذين رضي الرب عنهم؛ لأنهم أحباب وأصحاب محمد..
 على الطريق نفسها التي بدأ يدخلني اليقين الذي دخل قلب فيليب أنها تفضي إلى الحياة الآخرة؛
 لأكون زوجة فيليب في الجنة كما كان يحلم ويدعو دائماً أن نكون معاً.. أنا.. وفيليب.. ومحمد.


تابع القراءة Résumé abuiyad

امثال و حكم

حضارتنا الاسلامية عبر التاريخ

الحضارة المغربية

تأملات

جميع الحقوق محفوظة ©2013